ورب أسراب حجيج كظم ... عن اللغا ورفث التكلم" (?)

وأما التكنية عن الجماع بالإفضاء، ففي قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (النساء: 21)، وفي آية أخرى كنَّى الله تعالى عنه بالمباشرة؛ لما فيه من التقاء البشرتين {فَالآنَ بَاشِرُوهُنّ} (البقرة: 187).

وأما لفظة (النكاح) فهي في لغة العرب بمعنى الاختلاط والتضام، كما تستعمل العرب (النكاح) بمعنيين مجازيين: أولهما: للدلالة على عقد النكاح. والثاني: هو الجماع.

قال الفيومي: " تناكحَتِ الأشجار إذا انضم بعضها إلى بعض، أو من نكح المطر الأرض إذا اختلط بثراها، وعلى هذا فيكون (النِّكَاحُ) مجازاً في العقد والوطء جميعاً، لأنه مأخوذ من غيره، فلا يستقيم القول بأنه حقيقة، لا فيهما، ولا في أحدهما، ويؤيده أنه لا يفهم العقد إلا بقرينة نحو (نَكَحَ) في بني فلان ولا يفهم الوطء إلا بقرينة نحو (نَكَحَ) زوجته، وذلك من علامات المجاز" (?).

وحين استخدم القرآن هذه اللفظة (النكاح) أراد المعنى المجازي الأول (عقد النكاح)، ولم يرد (الجماع)، وهذا يتبين لمن تأمل الآيات القرآنية، كمثل قوله تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ} (النور: 32)، فالمعنى: زوجوهم، ومثله في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} (الأحزاب: 49)، فالآية صريحة في طلاق الزوجة بعد العقد عليها وقبل الدخول فيها، فقوله: {نَكَحْتُمُ} أي عقدتم.

ومثله قوله - صلى الله عليه وسلم -: «تنكح المرأة لأربع؛ لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015