صلى الله عليه وسلم" رواه الترمذي وقال هذا حديث غريب حسن1.

وأما قول أبي تراب: "إن البخاري اجتمع له حديث الصحابة وفقههم أجمع"

فجوابه أن يقال: هذه مجازفة يكذبها الواقع وبيان ذلك من وجوه. أحدها: أن يقال من المستحيل أن تجتمع أحاديث الصحابة وفقههم لرجل واحد ولو بلغ في العلم والفقه ما بلغ، وهذه كتب الحديث والآثار موجودة وليس فيها شيء قد جمع الأحاديث والآثار كلها. ومن أكبر كتب الحديث وأوسعها مسند الإمام أحمد ومع هذا لم تجتمع فيه أحاديث الصحابة كلها ولا الآثار المروية عنهم بل في غيره من كتب الصحاح والسنن والمسانيد ما ليس فيه. وفي كل منها ما ليس في الآخر. وفي هذا أكبر شاهد على بطلان ما زعمه أبو تراب.

الوجه الثاني: أن كثيرا من كبار الصحابة الذين طالت صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا يلزمونه حضرا وسفرا قد مات كثير منهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بمدة يسيرة فلم يؤخذ عنهم الكثير مما عندهم من الفقه ولم يرو عنهم الكثير مما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم وما شاهدوه من أفعاله وهديه وسيرته. وقد تقدم ما ذكره ابن سعد عن محمد بن عمر الأسلمي أنه قال: "إنما قلَّت الرواية عن الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم هلكوا قبل أن يحتاج إليهم - إلى أن قال -ومضى كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبله وبعده بعلمه لم يؤثر عنه بشيء ولم يحتج إليه لكثرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم". وتقدم أيضا قول ابن القيم رحمه الله تعالى: "إن ما انفرد به الصحابة من العلم عنا أكثر من أن يحاط به فلم يرو كل منهم كل ما سمع - إلى أن قال - وكذلك أجلة الصحابة روايتهم قليلة جدا بالنسبة إلى ما سمعوه من نبيهم وشاهدوه. ولو رووا كل ما سمعوه وشاهدوه لزاد على رواية أبي هريرة أضعافا مضاعفة". انتهى.

وفي هذا أبلغ رد على مجازفة أبي تراب حيث زعم أن البخاري قد اجتمع له حديث الصحابة وفقههم أجمع.

الوجه الثالث: أن في صحيح البخاري وغيره من كتبه أعظم رد على أبي تراب وأكبر شاهد على بطلان ما زعمه عن البخاري أنه اجتمع له حديث الصحابة وفقههم أجمع. فالذي في كتب البخاري من أحاديث الصحابة وفقههم لا يبلغ عشر ما روي عنهم من الأحاديث والآثار ولا نصف العشر. وقد جاء في كتب الصحاح والسنن والمسانيد والمستخرجات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015