قال: "قلت: من الموالي".. قال: "فمن يسود أهل الشام؟ " قلت: "مكحول".. قال: "فمن العرب أم من الموالي؟ " قال: "قلت: من الموالي عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل".. قال: "فمن يسود أهل الجزيرة؟ " قلت: "ميمون بن مهران".. قال: "فمن العرب أم من الموالي؟ " قال: "قلت: من الموالي".. قال: "فمن يسود أهل خراسان" قال: "قلت: الضحاك بن مزاحم" قال: "فمن العرب أم من الموالي؟ " قال: "قلت: من الموالي.." قال: "فمن يسود أهل البصرة؟ " قال: "قلت: الحسن البصري" قال: "من العرب أم من الموالي؟ " قال::قلت من الموالي".. قال: "ويلك ومن يسود أهل الكوفة؟! " قال: "قلت: إبراهيم النخعي" قال: "فمن العرب أم من الموالي".. قال: "قلت من العرب".. قال: "ويلك يا زهري فرجت عني والله لتسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها" قال: "قلت يا أمير المؤمنين إنما هو دين من حفظه ساد ومن ضيعه سقط".

ويستفاد من هذه القصة أن العلم رأس الفضائل وأكملها وأشرفها وإن من جمع بين العلم والديانة نال الفضل والشرف والمنزلة العالية والسيادة وإن كان لا نسب له ولا حسب كما حصل لألئك الموالي الذين ذكر الزهري أنهم سادوا أهل الأمصار بالعلم والديانة وكما حصل لغيرهم قديما وحديثا.

الموضع الرابع: زعم أبو تراب أن مرتبة البخاري في العلم تفوق مراتب الصحابة فيه لأنه اجتمع له حديثهم وفقههم أجمع ولكنه لا يفوقهم ولا يدانيهم البتة في الفضل والشرف والمنزلة والكرامة.

والجواب أن يقال: هذا من عجر أبي تراب وبجره ولم أر أحدا سبقه إلى هذا القول الباطل. ولا يخفى ما فيه من الجرأة على الصحابة والغض من قدرهم. وقد تقدم حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "شرار أمتي أجرؤهم على صحابتي" رواه أبو نعيم في الحلية.

ويكفي في رد هذا القول السيئ ما تقدم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "من كان مستنا فليستن بمن قد مات أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا خير هذه الأمة.. أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا.. قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونقل دينه فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على الهدى المستقيم والله رب الكعبة" رواه أبو نعيم في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015