وقد ذكرت من الأدلة الكثيرة على غزارة علم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وتفوقهما على جميع الصحابة بالفضائل ما فيه كفاية في الرد على أبي تراب فليراجع. وليراجع أبيضا ما تقدم عن شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى أنه قال: "إن ابن عباس رضي الله عنهما كان أكثر فتيا من علي رضي الله عنه وأن أبا هريرة رضي الله عنه كان أكثر رواية منه. وعلي رضي الله عنه أعلم منهما كما أن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أعلم منهما أيضا". انتهى.

وأما قول أبي تراب إن الفضل غير العلم والفقه.. فجوابه أن يقال: إن العلم راس الفضائل وأكملها وأشرفها كما قرره شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى.. قال شيخ الإسلام أبو العباس: "وكل من كان أفضل من غيره من الأنبياء والصحابة وغيرهم فإنه أعلم منه". انتهى..

وقد قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} وقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الناس معادن فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر" والآيات والأحاديث في فضل العلم كثيرة جدا وليس هذا موضع ذكرها وإنما المقصود ههنا التنبيه على خطأ أبي تراب حيث فرق بين الفضل وبين العلم الذي هو رأس الفضائل وأكلها وأشرفها.

وقد ذكر الحافظ أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال عن الوليد الموقري عن الزهري قال: "قدمت على عبد الملك بن مروان فقال: "من أين قدمت يا زهري" قال: "قلت من مكة" قال: "ومن خلفت يسودها وأهلها" قلت: "عطاء بن أبي رباح" قال: "فمن العرب أم من الموالي؟ " قلت: "من الموالي".. قال: "فبم سادهم؟ " قال: "قلت بالديانة والرواية".. قال: "إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا". قال: "فمن يسود أهل اليمن؟ " قلت: "طاووس بن كيسان".. قال: "فمن العرب أم من الموالي؟ " قال: "قلت: من الموالي".. قال: "فبم سادهم؟ " قلت: "بما ساد به عطاء".. قال: "إنه لينبغي ذلك".. قال: "فمن يسود أهل مصر؟ " قلت: "يزيد بن أبي حبيب" قال: "فمن العرب أن من الموالي؟ "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015