وما لم يشأ لم يكن. "الرابع" من أقسام الإرادة الذي لم تتعلق به هذه الإرادة ولا هذه فهذا ما لم يكن من أنواع المباحات والمعاصي، أنتهي.
إذا تبين لك هذا فاعلم أن قول الناظم والشارح يوافق ما قالته القدرية الجبرية حين ردوا ما قالته القدرية النفاة لما أنكروا القدر وزعموا أن الأمر أنف فقابلهم أولئك بالقول بالجبر 1 وأنهم لا يخرجون عن قدره وقضائه نظرا منهم إلى أن الأمر كائن بمشيئة الله وقدره، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه تعالى خالق كل شيء وربه ومليكه، ولا يكون في ملكه شيء إلا بقدرته وخلقه ومشيئته، كما قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّه} {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ} ، ونحو ذلك من الآيات. ولا ريب أن هذا أصل عظيم من أصول الإيمان لا بد منه في حصول الإيمان وبإنكاره ضلت القدرية النفاة، وخالفوا جميع الصحابة وأئمة الإسلام، لكن لا بد معه من الإيمان بالإرادة الشرعية الدينية التي نزلت بها الكتب الإيمانية، ودلت عليها النصوص النبوية وأئمة المسلمين قد أثبتوا هذه وهذه، وذكروا الجمع بينهما وآمنوا