قول المسلمين: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ومن الأول: كقولهم لمن يفعل القبائح هذا يفعل ما لا يريده الله منه، فإذا كان كذلك فالكفر والفسوق والعصيان ليس مراداً للرب عز وجل بالاعتبار الأول، والطاعة موافقة لتلك الإرادة، وموافقة للأمر المستلزم لتلك الإرادة. فأما موافقة مجرد النوع الثاني فلا يكون به مطيعا وحينئذ فالنبي يقول له أن الله يبغض الكفر ولا يحبه ولا يرضاه لك أن تفعله ولا يريده بهذا الاعتبار، والنبي صلى الله عليه وسلم يأمره بالإيمان الذي يحبه الله ويرضاه له ويريده بهذا الاعتبار. ثم ذكر كلاما طويلا في منهاج السنة في الجزء الثاني من المجلد الأول في صفحة اثنين وعشرين: فمن أراد الوقوف عليه فليراجعه في محله.
وقال أيضا رحمه الله تعالى في موضع آخر: وقد قسم الإرادة أربعة أقسام، فقال رحمه الله: "الأول" ما تعلقت به الإرادتان، وهو ما وقع في الوجود من الأعمال الصالحة، فإن الله تعالى أرادها إرادة دين وشرع، فأمر به وأحبه ورضيه وأراده إرادة كون، فوقع ولولا ذلك لما كان. "الثاني" ما تعلقت به الإرادة الدينية فقط، وهو ما أمر الله به من الأعمال الصالحة فعصى ذلك الأمر الكفار والفجار فتلك كلها إرادة دين وهو يحبها ويرضاها لو وقعت ولم تقع. "الثالث" ما تعلقت به الإرادة الكونية فقط، وهو ما قدره وشاءه من الحوادث التي لم يأمر بها كالمباحات والمعاصي، فإنه لم يأمر بها ولم يرضها ولم يحبها إذ هو لا يأمر بالفحشاء ولا يرضي لعباده الكفر ولولا مشيئته وقدرته وخلقه لما كانت ولما وجدت، فإن ما شاء الله كان