اعلم أن قول لا اله إلا الله تقتضي أن لا يحب سواه، فإن الإله هو الذي يطاع فلا يعصى محبةً له وخوفاً ورجاءً ومن تمام محبته محبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه، فمن أحب شيئًا مما يكرهه الله أو كره شيئًا مما يحبه الله لم يكمل توحيده وصدقه في قوله: لا اله إلا الله، وكان فيه من الشرك الخفي بحسب ما كرهه مما أحبه الله، وما أحبه مما يكرهه الله، قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ). [محمد:28]
قال الحسن: اعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته.
وسئل ذو النون المصري: متى أحب ربي؟ قال: «إذا كان ما يبغضه عندك أمر من الصبر».
وقال بشر بن السري: «ليس من أعلام المحبة أن تحب ما يبغض حبيبك».
وقال يحيى بن معاذ: «ليس بصادق من ادعى محبة الله ولم يحفظ حدوده».
وقال أبو يعقوب النهرجوري: «كل من ادعى محبة الله ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطلة» (?).
وقال رويم: المحبة الموافقة في جميع الأحوال. وأنشد يقول:
ولو قال لي مت مت سمعًا وطاعة ... وقلت لداعي الموت أهلاً ومرحبًا