وإذا تأملت فعل هؤلاء وجدتهم من أقسى الخلق قلوباً وأكثرهم ذنوباً.

ولو كان هذا الفعل في نفسه صغيراً لصار بالإصرار والملازمة كبيرة يفسق بها الفاعل على كل تقدير كما تقدم في حبس الهرة وأنه من الكبائر.

ويجب على كل منهما أن يتوب من هذا الفعل ويرجع إلى الله تعالى وإلا فلا يأمن أن يجعل الله له عقوبته في الدنيا قبل الآخرة جزاء لتعذيب خلقه الضعيف وعدم شفقته عليه.

وكذلك ما يفعله كلهم إلا النادر منهم وهو أنهم إذا اصطادوا طائراً بالشبكة وغيرهم طووا أجنحته ولووا رجليه لياً يسمونه الشرملة بحيث يكسرها فلا يقدر بعد ذلك على الحركة ويتم الطائر على هذا الحال وفي هذا العذاب إلى أن يتفرغ الصياد لذبحه.

وكثير من جهلة الفقهاء وغيرهم يذهبون إليهم قصداً ليتفرجوا على صيد الطير ويرون الصيادين يفعلون هذه المعصية المحرمة والبدعة المنكرة فلا ينكرون عليهم والواجب على من رأى شيئاً من ذلك أن ينكره ويمنعهم منه ويأمرهم أنهم كلما أخذوا واحداً ذبحوا من غير تعذيب، وإلا لهو شريكهم في الإثم، فإن علم أنهم لا يرجعون إليه حرم عليه أن يحضر عندهم أو ينظر إليهم.

276 / ومنهم من يشرمله ويتركه اليومين والثلاثة من غير ذبح؛ لأنهم إذا ذبحوا ذلك وتركوه ربما تغير ونتن فيتركونه ليرمي ما في جوفه وتنظف مصرانه ثم يذبحونه فيبقى معهم أياماً من غير تغير لخول مصرانه من المرعى وهذا أشد تحريماً من الأول لما فيه من زيادة التعذيب، إذ يتركونه اليومين والثلاثة في هذا العذاب من غير أكل. ولا بد أن الحكم العادل يجازيهم يوم القيامة ويقتص منهم {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه} [الزلزلة: 7 - 8].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015