ومنها: أن يقبل ما يهدى إليه بسبب الشفاعة إن صحّ الخبر:
فقد روى أبو داود وغيره عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«من شفع شفاعة لأحد فأهدى له هدية عليها فقبلها، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الكبائر».
قلت: وقد نصّ جماعة من العلماء على تحريم أخذ العوض على الشفاعة.
قال القرطبي وحكى أبو عبد الله بن ظفر في تفسيره عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال: من شفع لرجل ليدفع عنه مظلمة فأهدى إليه هدية فقبلها فذلك السحت. فقيل له: كنا نرى أن السحت الرشوة في القضاء، فقال: ذلك كفر: وتلا قوله تعالى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44].
قال: فكل ما يكتسبه ذو الوجاهة عند السلطان بجاهه/ من ذوي الحوائج إليه عند السلطان فهو عند مالك – رحمه الله – سحت، والقضاء فيه أن يرد إلى أصحابه، فإن لم يعلموا ردّه السلطان إلى بيت مال المسلمين انتهى.
وقال في سورة المائدة قال ابن خويذ منداد: من السحت أن يأكل الرجل بجاهه، وذلك أن يكون له جاه عند السلطان فيسأله إنسان حاجة فلا يقضيها إلا برشوة يأخذها.