وهذا الكلام فيه نظرٌ من وجوهٍ
أحدها أن قوله ترتُّب الأثر على الشيء معناه وقوع الأثر عن الشيء وصدورُه عنه ونحن لو علمنا انه مرتب عليه علمنا علّيتَه قبل الدوران
الثاني أن قوله له صلاح العلّية يعني أن يكون المدار مناسبًا للأثر أو يعني به أن لا يُعلَم بطلانُ إضافة ذلك الأثر إلى ذلك الشيء أو يعني به شيئًا ثالثًا فإن عَنَى به الأول فالمناسبة وحدها لا تصلح في الدلالة على العلّية فكيف بمن يجعل الدوران قسمًا آخر وإن عَنَى به الإمكان والجواز لجاز لأصحاب الأقيسة الطردية المحضة أن يدَّعوا فيها الدوران لا سيما في التعبديات فإن الأوصاف التي يجعلونها عللاً يمكن إضافة الحكم إليها في الجملة فإن الشرع لو وردَ بذلك لم يكن محالاً لا سيما عند من يجعل العللَ علاماتٍ ودلالاتٍ لا يشترط فيها الاقتضاء والتأثير
الثالث أن ترتُّبَه عليه مرةً بعد أخرى معناه اقترانُه به مرةً بعد مَرَّةٍ وذلك عبارة عن وجود الأثر مع وجود الشيء وهذا أحد وصفَي الدوران والوصف الآخر عدمُه عند عدم ذلك الشيء ولم يذكر ذلك وقد ذكر في أثناء كلامه أنه لا يُشترط في الدوران المقارنةُ في الوجود والعدم وهذا خلاف ما عليه أكثر أهل الصول والجدل وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى وربما كان قال بعضهم هو ترتب الأثر على الشيء في الوجود مرةً بعد أخرى