اعلم أن الدورانَ في الأصل مصدرُ الشيءُ يدورُ دَورًا وَدَوَرَانًا لكن فَعَلاَن في المصادر يُؤذِنُ بقوةِ الفعلِ وشدة الحركة مثل الغَلَيان والنَّزَوان والشَّنَآن فإذا دارَ الحكمُ مع الوصف وجودًا وعدمًا فهل يدلُّ ذلك على كونه عِلَّةً في الجملة فالذي عليه أكثر فقهاء الطوائف من الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية وأكثر أهل الأصول والجدل أنه يفيد عِلِّيةَ الوصف وذهب طوائف من الفقهاء والمتكلمين إلى أنه لا دلالة له على ذلك وزعموا أن المواضع التي استفيدت منها العِلِّيّة إنما كان للمناسبة أو للسبر والتقسيم أو نحو ذلك
قالوا لأن الطّردَ المحضَ لا يُفيدُ العلية والعكس ليس بشرطٍ في العلل الشرعية فانضمامُ ما لا يُفيد لا يُفيد بخلاف انضمام المخبر الواحد إلى المخبر فإن خبر كلِّ واحدٍ من المخبرين يُفيد قدرًا من الظنّ فإذا اجتمعت الظنونُ جاز أن يَبلُغَ العلم أما الطرد المحض فلا أثرَ له وكذلك العكس
قالوا ولأنا قد وجدنا كثيرُا من الدوران لا يُفيد العلّية فإن الحكم يدور مع أجزاء العلة وأوصافها واحد المعلولين مع الآخر وكلّ واحدٍ من المتضايفَيْنِ مع الآخر ودوران الحدّ مع المحدود