والحقيقةُ قد يُعْنَى بها المعنى المدلول عليه باللفظ وقد يُعنى به اللفظ الدال على المعنى وقد يُعنى به نفس الدِّلالة
والمشهور أنها اللفظ المستعمل فيما وُضِعَ له والأوضاعُ ثلاثة وضعٌ لغويٌّ وشرعيّ وعرفيّ فلذلك صارت الحقائق ثلاثة أنواع وقد يكونُ اللفظ حقيقةً بالنسبة إلى وضعٍ
مجازًا بالنسبة إلى وضعٍ آخر وتختلف الأوضاعُ أيضًا باختلاف الأعصار والأمصار فكم من لفظٍ غَلَب استعمالُه في معنًى عند قوم وفي معنًى آخر عند قوم فدلالات الكتاب والسنة مبنيَّة على معرفة أوضاع من نزل القرآنُ بلسانه وبُعِثَ الرسولُ فيه ودلالات الأقوال المستعملة في العقود والأيمان مبنيَّة على معرفة أوضاع مَنْ ذلك المتكلِّم منهم ثم إن كان ممن يتكلم بوضْعَين فلابدَّ من التمييز ولهذا اختلَفَ الفقهاءُ في الحاسب إذا قال له عليَّ درهم في درهمين أو أنت طالق طلقة أو طلقتين
وقد ذكر في الأصل إرادة الحقيقة ثلاثة أوجهٍ فنقْتَصِر على شرحها
أحدها أن مقصود الكلام هو الإفهام والإفهامُ إنما يتم إذا علم أن ذلك اللفظ موضع لذلك المعنى فإما أن يكون هذا وحدَه كافيًا في الإفهام أوْ لا فإن كان كافيًا فهو المقصود بقوله إن الأصل في