صحيح فإنَّ أهلَ الإجماع لم يتكلَّموا في الشمول بنفي ولا إثبات فلا يجوز إضافة نفيه أو إثباته إليهم وإن عَنَيْتَ الأول فهو مُسَلَّم لكن عدم الإجماع على الحكم ليس دليلاً على بطلانه وأنا أُسَلِّم أنهم لم يُجمعوا على شمول الوجوب للصورتين لكن الفرق بين عدم الإجماع على الشمول والإجماع على عدم الشمول ظاهر
الخامس أنهم إن لم يُجْمِعوا على عدم شمول الوجوب للصورتين جاز إثباتُ الشمول وبطلت هذه المقدمة وإن أجمعوا على عدم شمول الوجوب للصورتين فقد أجمعوا على الوجوب في إحدى الصورتين أو العدم في الأُخرى وحينئذٍ لا يجوز أن يُقَدَّم دليل على الوجوب فيهما ولا على العدم فيهما لأنَّ ذلك يخالف الإجماع فيكون باطلاً
السادس أنهم أجمعوا على الوجوب في إحداهما والعدم في الأُخرى والتنافي يمنعُ الوجوب في إحداهما والعدم في الأخرى فيكونُ التنافي باطلاً
فإِن قيل التنافي دلَّ على أنَّ الوجوبَ هنا والعدمَ هناك لا يجتمعان والإجماع لم يُعَيِّن هذه الصورة
قلنا دليلُ التنافي عامُّ مُطْلق ليس فيه تخصيص والإجماع المدَّعى عامُّ مطلق ليس فيه تخصيص فتخصيص التنافي من هذه الأدلّة يفتقر إلى دليلٍ على صحته ولا دليلَ على صحَّته إلا الذي يدلُّ على بطلانه فتعذَّرَ تصحيحُه إذًا والله أعلم وأحكم