وقولهم مباشرة الحكُمْ أو مباشرة الفعل جيّد في حقّ العباد وأما في حقّ الله فلا يَصحُّ هذا اللفظ لأنه لا يوصف بمباشرة الحكم وليست الأحكامُ إلاّ كلامَه أو مُوجَب كلامه وتلك لا يُباشِر ها

وأيضًا فإن الأحكام ليست فعلاً بل قولاً من الله

وعليه سؤالٌ آخر وهو أن المباشرة ليست هي المناسبة بل المباشرة المذكورة دليل على أنها إنما وقعت لأجل تحصيل المطلوب فهي دليلٌ على أنها علةٌ فاعلةٌ للمطلوب وأنّ المطلوب علةٌ غاييَّةٌ لها والاستدلال بالفعل على بعض صفاته أمرٌ واقعٌ كثيرًا

يُبيِّنُ ذلك أن المناسبة مصدرُ ناسبَ الشيءُ الشيء يُناسِبُه إذا وافقَه ولاَءَمَه أو كان بينه وبينه ما يُوجِب نسبةَ أحدِهما إلى الآخر كنسبة الولد إلى والدِه والحكمِ إلى الوصف وهذه الخاصَّةُ التي تُوجِبُ انتسابَ أحدهما إلى الآخر لابُدَّ أن تكون ثابتةً لهما بأنفسهما أو بما يجري مَجرى أنفسهما بحيث يَحسُن في العقلِ إذا أدرك الأمرينِ أن يقول هذا منسوب إلى هذا ومضافٌ إليه ومصدرُ المفاعَلةِ ليس قائمًا بأحد المتفاعلين دون الآخر فإذّنْ المناسبةُ صفة إضافية بين الوصف والحكم وبينه وبين الفعل وبين الحكم والحكمة وبين الفعل والحكمة والمباشرة المذكورة هي الوصف المناسب أو محلُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015