أحدها أن هذا الحكم لابُدَّ له من حكمةٍ ومصلحةٍ لأن الحكم العاري عن المصلحة عَبَثٌ والحكمة إمّا هذا الأمر أو غيره لكن غيره معدوم بالنافي المستمر فيتعيَّن هذا الأمر ولهذا نقول إذا رأينا أمرًا حادثًا يفتقر إلى سببٍ ورأينا هناك سببًا صالحًا أضفناه إليه كما يضيف الزهوق إلى الجرحِ المتقدم فيوجب جزاء الصيد بذلك على المُحرِم ويوجب القصاص على الفعل ويُبيح الصَّيدَ للرامي

الثاني أنّا إذا تأملنا أكثر الصُّوَر وجدنا الحكم فيها مضافًا إلى تلك الحكمة المعلومة الظاهرة فيُلحَق الفردُ بالأعم الأغلب كما إذا علمنا أن الغالب على أهل بلدةٍ صفة ثم رأينا واحدًا منهم سَحَبْنَا عليه ذلك الغالب ولذلك جاز قتلُ مَن دار الحرب ومَن في صَفِّ الكفّار مع تجويز أن يكون مسلمًا ولولا أن دِيْلَ الغالبُ على الأفراد وإلاّ لما قيل بالأصل المحرّم لقتل المعصوم

الثالث أنّا نجد الناس إذا رأوا فعلاً ورأوا له سببًا مناسبًا أضافوه إليه كما لو رأوا الأمير قد قتل جاسوسًا أو مرتدًّا أو قاطعَ طريقٍ قالوا قتلَه لذلك الوصف المناسب مع تجويز أن يكون هناك سببٌ آخر ولولا أن علمهم بأن مباشرة الفعل الصالح لحصول المطلوب تَقتضي إضافة ذلك الفعل إلى ذلك المطلوب لما استجازوا تلك الإضافة وإذا كان هذا من عُرفِ الناس يَرونَه حسنًا وَجَبَ اتباعُهم لقوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015