في نظر إبليس والحكمة ترفع الأعلى على الأدنى وكاعتقاد الكفار أن الربا لا مفسدةَ فيه بل هو كالبيع الذي يُبتَغى به الربح ففيه مصلحة وحكمة وكاعتقاد بعض الكفار أن شرب قليل الخمر فيه حكمة ومصلحة من غير مضرة لأنها تُصلِح المزاجَ ولا تُفسِد العقلَ وكأنواع هذه العقائد التي فيها مُشَاقَّةُ الرسولِ واتباعُ غيرِ سبيل المؤمنين وفي مثل هذه الأشياء قيل أولُ من قاسَ إبليس وإنما عُبِدَتِ الشمسُ والقمرُ بالمقاييس

ولا خلافَ بينَ المسلمين أن ما عارضَ النصوصَ من القياس لم يُلتَفتْ إليه لكن قد يقع التعارضُ بين بعض دلالات النصوص وبين القياس فيَقوى ظنُّ بعضِ الناس بصحة القياس فيعتقد أن الشارع لم يُهدِر تلك المصلحة ويَقوَى ظنُّ آخرَ بدلالة لفظ الشارع فيُقدِّمه على ظنِّه ويُحكِّمه على عقله وهذا مقامٌ فيه للرجال مجالٌ رحب

إذا تقرَّر هذا فاعلم أن كلامَ أكثر الجدليين إنما يَقعُ في القسم الثاني والثالث لأن الوصف الذي قد عُلِم إضافةُ الحكم إليه أو الحكمة التي قد عُلِمَ أن الحكم شُرِعَ لأجلها بالنص والإجماع لا يحتاج إلى مناسبته باستنباط المناسبة والمناسبة التي لم يشهد لها أصل معيَّن فلا يكادون يُدخِلونها في كلامهم إمّا لاعتقادهم عَدَمَ الاستدلال بها أو لانتشار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015