الامتثال ويأمره ولا يُوفِّقه للطاعة ولا يخلقها له فيكون المفسد في المعصية لا في نفس الفعل المأمور به والذي أردناه أولاً أنه لابدَّ أن يكون في المر مصلحةٌ بتقدير الامتثال وبين حكم الأمر بتقدير الامتثال وحكمِه بتقدير المخالفةِ فرقٌ بيِّنٌ

ثم إن المصلحة التي في موافقة الأمر لها ثلاث جهاتٍ

إحداها أن تنشأ من الأمر فقط فتكون المصلحة اعتقاد الوجوب والعزم على سبيل الامتثال وما يترتب على ذلك فقط وإن لم يُوجَد الفعل المأمور به كأمرِ إبراهيم بذبح ابنه وكأمر من علم أنه يموت قبل وقت الأمر ويحال بينه وبينه وأحالت القدريةُ هذا الوجه وينبني على ذلك فسخُ حكم الفعل قبل التمكن ومسائلُ كثيرة

الثانية أن تنشأ من ذاتِ الفعل المأمور به من حيث هو هو حتى لو حصل بدون الأمر فكانت تلك المصلحة حاصلةً ككتاب الدَّين والإشهاد عليه والاحتراز من العدوّ وأكل ما يقيم الصلب ولباس ما يَقي الحرَّ والبأسَ والاستعفاف بالنكاح وصلاح ذات البين ونحو ذلك من الأمور التي فيها مصالح ظاهرة في الدنيا إذا فُعِلتْ حصلتْ تلك المصالح وكذلك في المنهيات مثل النهي عن أكلِ السُّموم وقتل النفس ونحو ذلك وكثيرٌ من الأفعال المأمور بها أو أكثرُها كذلك لكن مصالحها غير معلومةٍ لأكثر الناس بل ولا لجميعهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015