. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في ذلك الشّيء دفع ضرّ عن الآمر ليس فيه تحذّر، وللناس كلام في نحو هذا المثال: هل قائل: إيّاي والشّرّ آمر نفسه أو آمر غيره؟
قال ابن الحاجب (?): وقدّر سيبويه (?): إيّاي والشّرّ منصوبا بفعل المتكلم، كأنه آمر لنفسه، يعني بمعنى: لأباعد نفسي عن الشّرّ ولأباعد الشر عنّي، وأنكره غيره (?) وقال: المعنى على أنه يخاطب غيره على معنى: باعدني. وإليه ذهب الزمخشري (?)، وكلا التقديرين مستقيم.
وقال ابن عمرون: ويقال: إيّاي والشّرّ، إيّاي منصوب بإضمار اتّق. والشّرّ معطوف عليه وأقول: هذا التقدير من ابن عمرون يقتضي أنّ هذا الكلام مقصود به التّحذير لا التّحذّر إذ المعنى: أحذّرني والشّرّ وهو خلاف الظاهر، ثم إذا كان تحذيرا فالظاهر على ما قاله أنه تحذير معنوي لا التحذير الاصطلاحيّ.
ثم قال ابن عمرون: قال سيبويه (?) - يعني في المثال المذكور - كأنه قال: إيّاي فلا تعين من الشّرّ أمر نفسه. وقال
السيرافي (?): وأما إيّاي والشّرّ فليس يخاطب نفسه ولا يأمرها وإنّما يخاطب رجلا يقول له: إيّاي باعد عن الشر، كأنه قال:
نحّني عن الشر ونحّ الشّرّ عنّي. انتهى. وأما قولهم (?): إيّاي وأن يحذف أحدكم الأرنب، فقيل التقدير: إيّاي نحّ عن حذف الأرنب وحذف الأرنب عن حضرتي، فالكلام جملة واحدة، هذا معنى قول السيرافي، إلّا أنه قدّره: باعدوني وحذف أحدكم الأرنب، وزعم الزجاج أن الكلام جملتان (?) وأن تقديره: إيّاي وحذف الأرنب، وإيّاكم وحذف أحدكم الأرنب، فحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني، وحذف من الثاني ما أثبت نظيره في الأول قال: لأنه لا يصح أن يقول: -