. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بذلك إبهام، متلوّ بإفهام ولا ريب أنّ الإبهام حاصل بإيقاع «أفعل» على المتعجّب منه؛ إذ لا يكون مختصّا، فتعين كون الباقي مقتضيا الإبهام، وهو «ما» فلذلك اختير القول بتنكيرها، ولا يمتنع الابتداء بها - وإن كانت نكرة غير مختصّة - كما لم يمتنع الابتداء بـ «من» و «ما» الشرطيّتين والاستفهاميتين، ووافق أبو الحسن الأخفش على صحّة جعل «ما» التعجبية نكرة، وأجاز كونها موصولة بفعل التعجّب، مخبرا عنها بخبر لازم الحذف (?)؛ فتحصّل أيضا بقوله هذا إفهام وإبهام، فحصول الإفهام بذكر المبتدأ أو صلته، وحصول الإبهام بالتزام حذف الخبر، إلا أنّ هذا القول يستلزم مخالفة النظائر من وجهين (?):
أحدهما: تقدّم الإفهام، وتأخّر الإبهام، والمعتاد فيما تضمّن من الكلام إفهاما، وإبهاما: تقدّم ما به الإبّهام، وتأخّر ما به الإفهام، كما فعل بضمير الشأن ومفسّره، وبضميري «نعم»، و «ربّ»، وبالعموم والتخصيص، وبالمميّز والتمييز، وأشباه ذلك.
الثّاني: كون الخبر فيه ملتزم الحذف دون شيء، يسدّ مسدّه، والمعتاد في الخبر، الملتزم الحذف، أن يسدّ مسدّه شيء، يحصل به استطالة كما كان بعد «لولا»، وفي نحو: لعمرك لأفعلنّ، فالحكم بموصوليّة «ما» وكون الخبر محذوفا، دون استطالة حكم بما لا نظير له؛ فلم يعول عليه ولا أجيب الدّاعي إليه، وأيضا يقال لمن ذهب هذا المذهب: أخبرني عن الخبر الذي ادّعيت حذفه، أمعلوم هو أم مجهول؟ فإن قال: هو معلوم؛ فقد أبطل الإبهام المقصود، وإن قال: هو مجهول؛ لزمه حذف ما لا يصحّ حذفه، فإنّ شرط صحة حذف الخبر ألا يكون مجهولا، وهذا كاف في بيان ضعف القول بأن «ما» التعجبية موصولة بفعل التعجّب، وأما كونها استفهامية وهو قول الكوفيين (?) فليس بصحيح؛ لأنّ قائل -