هذا حديث غريب.

وأصرح منه في الدلالة: ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن أبي موسى قال: الشمس فوق رؤوس الناس يوم القيامة، وأعمالهم تظللهم أو تصحبهم.

أخرجه البيهقي في الشعب.

فإن قلت: ظاهر هذا أن الظل للأعمال لا للعرش.

قلت: لا ظل هناك إلا ظل العرش، وإضافة الظل إلى الأعمال إضافة سبب.

قال القرطبي في التذكرة في قول سلمان: (ولا يجد حرها مؤمن ولا مؤمنة) : (ظاهرة العموم في المؤمنين، وليس كذلك، وإنما المراد - والله أعلم - مؤمن كامل الإيمان، أو من استظل بظل العرش، كما في الحديث (سبعة في ظل العرش) وكذا ما جاء (إن المرء في ظل صدقته) وكذلك الأعمال الصالحة، أصحابها في ظلها، وكل ذلك في ظل العرش) انتهى.

وقد رأيت أن الحق بما تقدم. ما ورد فيه الإشارة إلى الظل إشارة ظاهرة، بدون تصريح به، ككونهم على منابر من نور أو كراسي أو كثب المسك أو جلساء الله أو أقرب الخلق إليه أو في كنفه يوم القيامة، لما في ذلك من ظهور كونهم في الظل، بدليل أحاديث المتحابين في الله، والإمام العادل، والصوم، وترك الزنا والربا، والعيادة، فمن ذلك: ما رواه الترمذي عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة على كثبان المسك، لا يهولهم الفزع الأكبر، يوم القيامة: رجل أم قوما وهم له راضون.

ورجل كان يؤذن في كل يوم وليلة.

وعبد أدى حق الله، وحق مواليه.

وللبيهقي في الشعب من حديث أبي سعيد وأبي هريرة قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثلاثة على كثيب من مسك أسود يوم القيامة، لا يهولهم الفزع الأكبر، ولا ينالهم الحساب.

رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله، وأم قوما، وهم به راضون ورجل أذن في مسجد، دعا إلى الله، ابتغاء وجه الله.

ورجل ابتلي بالرق في الدنيا، فلم يشغله ذلك عن طلب الآخرة.

وأخرج الخطيب في التاريخ من طريق: إسماعيل بن يحيى عن مسعر عن عطية العوفي عن أبي سعيد مرفوعا: إذا كان يوم القيامة، جيء بكراسي من ذهب، مكللة بالدر والياقوت، مفروشة بالسندس والاستبرق، ثم يضرب عليها قباب من نور، ثم ينادى: أين المؤذنون؟ فيقومون، وهم أطول الناس أعناقا.

فيقال لهم: اجلسوا على تلك الكراسي، تحت تلك القباب، حتى يفرغ الله من حساب الخلائق، فإنه لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون.

وقال: غريب، تفرد به إسماعيل، وهو ضعيف، سيء الحال جدا.

قال ابن عدي: يحدث عن الثقات بالأباطيل.

وقال الدارقطني: كذاب متروك.

وروى الطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية من طريق: أحمد بن طارق عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله عبادا استخصهم لنفسه، لقضاء حوائج الناس، وآلي على نفسه، أن لا يعذبهم بالنار، فإذا كان يوم القيامة، أجلسوا على منابر من نور، يحادثون الله، والناس في الحساب.

وروى أبو الشيخ في الثواب: حدثني محمد بن يوسف ثنا إسحاق بن إبراهيم عن أحمد بن الأزهر النيسابوري ثنا إبراهيم بن الحكم عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله عبادا، يفزع الناس إليهم في حوائجهم، هم الآمنون يوم القيامة، من عذاب الله.

وأخرج البزار من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للمهاجرين منابر من ذهب، يجلسون عليها، يوم القيامة، قد آمنوا من الفزع.

ثم رأيت في الزهد للإمام أحمد من رواية ولده عبد الله قال: حدثني خديجة أم محمد - كانت تجيء إلى أبي تسمع منه قبل الثلاثين - قالت: ثنا يزيد بن هارون ثنا العوام عن إبراهيم التيمي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: سبعة في ظل الله يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله: رجل لقي أخاه، فقال: إني أحبك في الله، وقال الآخر: مثل ذلك. ورجل ذكر الله ففاضت عيناه من مخافة الله.

ورجل يتصدق بيمينه، يخفيها من شماله.

ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال إلى نفسها، فقال: إني أخاف الله.

ورجل قلبه معلق بالمساجد من حبها.

ورجل يراعي الشمس، لمواقيت الصلاة.

ورجل إن تكلم تكلم بعلم، وإن سكت سكت على حلم.

وقال البيهقي في الأسماء والصفات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015