ثمَّ يُقَال لَهُم أفليس قد اتفقنا على أَنه لَا مَوْجُود مَعْلُوم فِي الشَّاهِد والمعقول إِلَّا مُحدث مَوْجُود عَن عدم فَإِذا قَالُوا أجل قيل لَهُم فَيجب أَن يكون صانع الْعَالم جلّ ذكره مَوْجُودا مُحدثا قِيَاسا على الشَّاهِد فَإِن مروا على ذَلِك تركُوا مَذْهَبهم وَإِن أَبوهُ نقضوا دليلهم
ثمَّ يُقَال لَهُم فَهَل وجدْتُم جوهرا فِي الشَّاهِد إِلَّا متحيزا قَابلا للأعراض من جنس هَذِه الْجَوَاهِر المعقولة فَإِذا قَالُوا بلَى قيل لَهُم فَيجب عَلَيْكُم إِذا كَانَ الْقَدِيم تَعَالَى جوهرا أَن يكون كالجواهر المعقولة وَمن جِنْسهَا وقابلا للأعراض كقبولها فَإِن مروا على ذَلِك تركُوا دينهم وَإِن أَبوهُ قيل لَهُم فَمَا أنكرتم أَن يكون الْقَدِيم سُبْحَانَهُ مَوْجُودا لَيْسَ بجوهر وَلَا عرض وَلَا كالموجودات فِي الشَّاهِد كَمَا أَنه لَيْسَ كالجواهر وَلَا فصل فِي ذَلِك أبدا
ثمَّ يُقَال لَهُم على سَائِر أدلتهم الَّتِي قدمنَا ذكرهَا مَا أنكرتم أَن يكون الْقَدِيم حَامِلا للأعراض بِمثل كل دَلِيل ذكرتموه وَذَلِكَ أَنا وجدنَا الْأَشْيَاء كلهَا على ضَرْبَيْنِ فَضرب فعال شرِيف قَائِم بِنَفسِهِ لَيْسَ بِعرْض وَهُوَ الْحَامِل للأعراض وَضرب آخر لَيْسَ قَائِما بِنَفسِهِ وَلَا فعالا وَلَا شريفا وَهُوَ الْعرض فَلَمَّا ثَبت أَن الْقَدِيم فعال قَائِم بِنَفسِهِ شرِيف لَيْسَ بخسيس ثَبت أَنه حَامِل للأعراض ذُو حيّز وشغل فَإِن مروا على ذَلِك تركُوا دينهم وَإِن أَبوهُ أبطلوا استدلالهم إبطالا ظَاهرا
ثمَّ يُقَال لَهُم إِنَّكُم قد أخطأتم فِي قسْمَة الْأَشْيَاء المعقولة الْمَوْجُودَة