محدثها أَن يكون أحدثها لعِلَّة أَو لَا لعِلَّة فَإِن كَانَت محدثة لعِلَّة وعلتها أَيْضا محدثة وَجب أَن تكون عِلّة الْعلَّة محدثة لعِلَّة أُخْرَى وَكَذَلِكَ أبدا إِلَى غير غَايَة وَذَلِكَ يحِيل وجود الْعَالم جملَة لتَعَلُّقه بِمَا يَسْتَحِيل فعله وَخُرُوجه إِلَى الْوُجُود وَإِن كَانَت الْعلَّة والخاطر والداعي والباعث والمحرك محدثة لَا لعِلَّة وَكَانَت بالوجود لما وجدت من فاعلها أولى مِنْهَا بِالْعدمِ لَا لعِلَّة
وَكَانَ فاعلها حكيما غير سَفِيه جَازَ حُدُوث سَائِر الْحَوَادِث مِنْهُ لَا لعِلَّة وَكَانَ حكيما غير سَفِيه وَلم يكن خُرُوجه عَن السَّفه بإحداث مُحدث وَاحِد لَا لعِلَّة أولى من خُرُوجه عَنهُ بإحداث جَمِيع الْحَوَادِث لَا لعِلَّة وَهَذَا يبطل مَا توهموه إبطالا ظَاهرا
مَسْأَلَة فِي عِلّة الْفِعْل الصَّادِر عَن الْفَاعِل الْحَكِيم
فَإِن قَالَ قَائِل فَهَل وجدْتُم فَاعِلا حكيما يفعل الْفِعْل لَا لعِلَّة مَعَ الْعلم وَالذكر قيل لَهُ لَا إِذا صَحَّ أَن يوقعه على وَجه يَصح انتفاعه بِهِ أَو دفع الضّر عَنهُ فَإِن قَالَ فَيجب حمل أَمر الْقَدِيم فِي فعله على حَال فاعلنا قيل لَهُ لَا يجب ذَلِك لافتراقهما فِي عِلّة جَوَاز النَّفْع وَالضَّرَر عَلَيْهِمَا وَقد مر ذَلِك بِمَا يُغني عَن رده
وَيُقَال لَهُم لَو لم يَصح الْقَضَاء إِلَّا بِمَا شوهد وَوجد لوَجَبَ إِحَالَة مَا تذهبون إِلَيْهِ من إِثْبَات حوادث لَا أول لَهَا وإحالة الْقَضَاء على قدم الْجِسْم وَأَنه لَا أول لوُجُوده وإحالة قَول من قَالَ مِنْكُم بِأَن الهيولي والطينة قد كَانَت خلت من الكمية وَالصُّورَة والكيفية وَجَمِيع الْأَعْرَاض وإحالة قَول من قَالَ