لحمه وطهارة الخمر فيما ذكر هو بعد وهو أصل عظيم من أصول الفقه فلا أدري ما الذي حمله على تركه هنا مع أنه ليس في الباب ما يعارضه من النصوص الخاصة؟
وأما قوله: "ويعفى عن يسير القيء" فمجرد دعوى لا دليل عليها ولو رجع إلى الأصل المذكور لاستراح ولم يحتج إليها.
قوله تحت رقم 12 -: "وذهبت طائفة إلى القول بطهارتها" يعني: الخمر.
قلت: يحسن أن أذكر هنا أسماء بعض الأئمة الذين اختاروا هذا القول مع شيء يسير من تراجمهم حتى لا يظن بهم أحد أن لا شأن لهم في العلم ولا قدم راسخة لهم في الفقه بينما لهم في ذلك القدح المعلى:
1 - ربيعه بن أبي عبد الرحمن المعروف بـ "ربيعة الرأي" قال في "التهذيب ":
"أدرك بعض الصحابة والأكابر من التابعين وكان صاحب الفتوى بالمدينة وكان يجلس إليه وجوه الناس بالمدينة وكان يحضر في مجلسه أربعون معتما وعنه أخذ مالك".
2 - الليث بن سعد المصري الفقيه إمام مشهور اعترف بفضله كبار الأئمة منهم الإمام مالك في رسالة كتبها إليه بل قال الإمام الشافعي:
"الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به". وقال ابن بكير:
"الليث أفقه من مالك ولكن كانت الحظوة لمالك".
3 - إسماعيل بن يحيى المزني صاحب الإمام الشافعي وهو إمام مجتهد
منسوب إلى الشافعي كما قال النووي في "المجموع" 1 / 72.
وغير هؤلاء كثيرون من المتأخرين من البغداديين والقرويين رأوا جميعا أن الخمر طاهرة وأن المحرم إنما هو شربها كما في "تفسير القرطبي" 6 / 88 وهو الراجح وللأصل المشار إليه آنفا وعدم الدليل المعارض.