أقول: من فوت شيئًا من هذه العبادات فإنه لا يخلو من حالتين: إما أن يكون فوتها لعذرٍ شرعي، وإما أن يكون تفويته لها عمدًا بلا عذرٍ شرعي، فإن فوتها بعذرٍ شرعي فإنه يجوز له أن يفعلها ولو خارج وقتها ويعطى أجر من فعلها في وقتها لا ينقص من أجره شيء، فمن ترك الصلاة ناسيًا أو نائمًا حتى خرج وقتها فإنه يفعلها إذا ذكر أو استيقظ لحديث أنس في الصحيحين مرفوعًا: (من نام عن صلاةٍ أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) ، والنسيان والنوم عذر شرعي فلا يأثم الإنسان بهذا التفويت لحديث: (رفع القلم عن ثلاثة) وذكر منهم: (وعن النائم حتى يستيقظ) وقال تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أوْ أخْطَأْنَا} وفي صحيح مسلم: (قال الله: قد فعلت) وكذلك من أفطر يومًا من رمضان وهو مريض مسافر فلا بأس وله أن يقضيه في يوم آخر قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أخَرَ} .
ومن فاته شيء من الرواتب القبلية أو البعدية ناسيًا أو نائمًا أو نحوه فله قضاؤها، واختاره الشيخ تقي الدين، ووقت الراتبة القبلية من دخول الوقت إلى إقامة الصلاة، والبعدية من السلام إلى خروج الوقت.
ومن فاته إخراج زكاة الفطر ناسيًا أو نائمًا ولم يستيقظ إلا بعد الصلاة أعني صلاة العيد أو لم يجد فقيرًا إلا بعد الصلاة فله إخراجها بعد الصلاة ونرجو له الأجر والثواب وتجزئ عنه - إن شاء الله -.
ومن نذر صلاة وقتٍ محدد ثم فوته نسيانًا أو جهلاً أو بنوم أو مرض فله أن يصلي ما نذر بعده إن لم يكن وقت نهي ولا كفارة عليه على الراجح لعموم قوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أوْ أخْطَأْنَا} .