إما أن تفعل قبل سبب وجوبها، وإما أن تفعل بعد تحقق السبب لكن قبل شرط الوجوب، وإما أن تفعل بعد شرط الوجوب، فإذا فعلت قبل سبب الوجوب فإنها لا تصح؛ لأن وقتها بعد لم يتحقق فكأنه صلى الظهر قبل دخول وقتها، وذلك كمن أخرج الكفارة قبل عقد اليمين فإنها تكون صدقة وليست بكفارة، وأما إذا فعلت بعد سبب الوجوب وقبل شرط الوجوب فإن هذا الفعل جائز، كمن أخرج الكفارة بعد عقد اليمين وقبل الحنث، وأما إذا فعلها بعد شرط الوجوب فإنها تجب حينئذٍ كمن كفر بعد الحنث.
وإذا كانت القاعدة بهذا الشرح لازالت لم تفهم فهاك الفروع حتى تتضح أكثر:
فمن ذلك: كفارة اليمين هي عبادة لها سبب وجوب وشرط وجوب، فلا يجوز إخراج الكفارة قبل عقد اليمين؛ لأنه سبب وجوبها، ويجوز إخراجها بعد عقد اليمين وقبل الحنث لتحقق سبب وجوبها، ويجب إخراجها بعد الحنث؛ لأنه شرط وجوبها. وعلى ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) فهذا دليل على جواز إخراج الكفارة بعد عقدها وقبل الحنث خلافًا لمن منع ذلك.
ومنها: الصلاة المجموعة كالظهرين والعشائين، يصير وقتهما كالوقت الواحد كما هو معلوم عند الفقهاء، فدخول وقت الأولى منهما أعني الظهر أو المغرب سبب لوجوب فعل الثانية أعني العصر والعشاء، ودخول وقت الثانية شرط لوجوبها، إذًا لا يجوز فعل الصلاة الثانية قبل دخول وقت الأولى، ويجوز فعلها بعد دخول وقت الأولى لتحقق سبب وجوبها لكنها لا تجب، إلا إذا دخل وقتها فتجب حينئذٍ، والله أعلم.