وأما إذا لم يخرج موجب الأول حتى فعل الثاني فإنه في هذه الحالة يجزئ عن المحظورين الأول والثاني كفارة أو حد واحد فقط، فإذًا لو سألنا سؤالاً وقلنا: متى تتداخل الحدود أو الكفارات؟ الجواب: تتداخل الحدود والكفارات بشرطين: إذا كان المحظور من جنسٍ واحدٍ، وإذا لم يخرج موجب الأول، وهذا هو نص القاعدة.
وزيادة في الإيضاح أضرب فروعًا حتى تتضح:
فمنها: من حلف على يمين معينة ثم كررها وحنث، فهل تلزمه كفارة أو لا؟
الجواب: أنك تنظر في أمرين: أحدهما: هل المحلوف عليه شيء واحد أو متعدد؟
إن كان متعددًا فأوجب على كل يمين كفارة؛ لأن المحلوف عليه ليس من جنسٍ واحد، وإن كان المحلوف عليه واحدًا فانظر: هل كفر عن يمينه الأولى أم لا؟ إن كان كفر عن يمينه الأولى وجبت للأخرى كفارة ثانية، وإن لم يكن قد أخرج كفارة الأولى أجزأ عن الجميع كفارة واحدة، والله أعلم.
ومنها: إذا زنى البكر مرارًا فهل يلزمه لكل زنىً حد؟ أم يسقط الجميع حد واحد؟ الجواب: هو على التفصيل السابق، فيكفي الجميع حد واحد؛ لأنه من جنسٍ واحد ولم يحد للزنى الأول، أما إذا حُدَّ للزنى الأول وجب للثاني حد جديد، والله أعلم.
ومنها: من نذر مرارًا ولم يخرج موجب الأول أجزأ عن الجميع كفارة واحدة.
ومنها: من كرر محظورًا من جنسٍ واحدٍ من محظورات الإحرام كرجلٍ حلق مرارًا أو جامع مرارًا، أو قلم أظافره مرارًا ولم يخرج كفارة الأول أجزأ عن الجميع كفارة واحدة. لكن لو حلق وقلم أظفاره وتطيب فإنه يجب حينئذٍ لكل محظور كفارة لاختلاف الجنس.
ومنها: من سرق مرارًا فإنه يسقط الجميع قطع واحد ما لم يكن قد حُدَّ للأول فيلزمه قطع آخر، والله أعلم.
ومنها: من قطع الطريق مرارًا أسقط الجميع حد واحد إن لم يكن قد حُدَّ في شيء منها، وعلى ذلك فقس، والله تعالى أعلى وأعلم.