فمنها: الحرز: اشترط العلماء بمقتضى الأدلة الصحيحة للقطع في السرقة أن يكون السارق قد أخذ المسروق من حرز مثله، أي مثل المال المسروق، فإذا أخذ المال من غير حرز فلا يجب عليه القطع، لكن هذا الحرز لم يرد له تحديد في الشرع ولا في اللغة وإنما قال أهل اللغة: إن الحرز هو ما يوضع فيه المال فقط وهذا ليس بتحديد، فإذا لم يرد له تحديد في الشرع ولا في اللغة فإننا نرجع إلى تحديده بالعرف فنقول: كل ما تعارف الناس عليه أنه حرز فإنه معتبر للقطع وما لا فلا.
إذًا هو يختلف باختلاف أعراف الناس وباختلاف السلطان قوة وضعفًا، وباختلاف المال، فحرز الذهب والمال والجواهر هو الصناديق المقفلة في مكان أمين، وحرز السيارة قفلها أو إدخالها للبيت، وهكذا.
فإذا سرق إنسان مالاً فننظر للعرف هل المحل المسروق منه هو حرز هذا المال بعينه، فإذا كان (نعم) وجب القطع وإلا فلا وعلى ذلك فقس، والعبرة في الحرز هو العرف وقت السرقة، والله أعلم.
ومنها: أوجب الله تعالى النفقة على الزوجة، لكن لم يرد لهذه النفقة حد في الشرع ولا في اللغة، فنرجع إلى تحديدها بالعرف، فما عده العرف أنه من النفقة الواجبة للزوجة فهو واجب كالسكن والكسوة والإطعام، وما عده العرف من النفقة المستحبة فهو مستحب كنوع (?) المأكول والمسكون والملبوس وهكذا، ومن هنا نعرف أن العلماء - رحمهم الله تعالى – لما اجتهدوا في تحديد ذلك إنما هو مبني على العرف في زمانهم، وأما في زماننا فالأمر يختلف كثيرًا، والله أعلم.