الأول: (لا واجب مع العجز) قد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع في الجملة، فمن الكتاب قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا} وما يعجز عنه الإنسان فإنه ليس في وسعه فلا يكلف به وهذا واضح.
ومن الأدلة: قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} والقول بالتكليف مع العجز فيه إثقال وأغلال وآصار وقد أزيلت من الشريعة الإسلامية فمقتضى إزالتها أن لا يكلف العاجز عن الواجب به.
ومنها: قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} والقول بتكليف العاجز مع عجزه منافٍ لإرادة الله تعالى؛ لأنه من العسر، لكن مقتضى هذه الإرادة أن يسقط التكليف عن العاجز عن الواجب بالإتيان بالواجب، وجماع ذلك كل دليل من القرآن فيه إخبار بيسر الشريعة وإرادة التخفيف وعدم تكليف النفس ما لا تطيق كل ذلك داخل في أدلة هذه القاعدة.
وأما أدلة ذلك من السنة: فحديث عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: (صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنب) رواه البخاري.
ومثله حديث جابر عند البيهقي بسند قوي، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم) ، فعلق إتيان الأمر بالاستطاعة فغير المستطيع لا يطالب بما عجز عنه. وأدلتها كثيرة لكن فيما مضى كفاية.
وإلى فروع هذه الجزئية من القاعدة فأقول:
منها: من عجز عن القيام في الفرض سقط عنه ويصلي قاعدًا لحديث عمران بن حصين.
ومنها: من عجز عن الطهارة المائية لعذرٍ ما، سقطت عنه وينتقل إلى الطهارة الترابية ولا يعيد على الصحيح ولو قدر عليها في الوقت.
ومنها: من عجز عن الإتيان لصلاة الجماعة لعذرٍ من الأعذار سقطت عنه ويصلي في بيته.