ومن ذلك: دوام استحضار النية عند العمل وعدم أخذه عادة فإن بعض الناس قد اتخذ العبادات ذات الصفة الواحدة عادة لا عبادة؛ لأن جسمه قد تعود على حركاتها فيأتي بها بلا خشوع ولا حضور قلب، كالصلاة مثلاً فبعض الناس قد تعود على حركاتها فتجده يكبر للإحرام ثم يكملها فإذا سلم إذا به لا يعرف ماذا قرأ وهل ركع أو سجد، فلا نية ولا خشوع لكن العبادات التي لها وجوه متنوعة تجعل الإنسان يستحضر صفتها التي سيفعلها عليه قبل الشروع فيها فيأتي بها شيئًا فشيئًا بنية حاضرة وقلبٍ خاشع وهذا مقصد بحد ذاته.

ومن ذلك: نشرها بين الناس حتى لا تنكر فإننا لو داومنا على صفةٍ من صفات هذه العبادة وتركنا ما عداها، بحيث لا يعرف الناس لهذه العبادة إلا هذه الصفة، فإننا لو غيرناها إلى صفةٍ أخرى ثبتت بدليل صحيح فإن الناس سوف ينكرون ذلك فيقعون في المحظور وهو إنكار شيء من الشرع، لكن لو فعلت هذه العبادة على جميع وجوهها وعرفها الناس بجميع صفاتها لما وقعوا فيما قد وقعوا فيه من قبل وهذا واضح محسوس.

ومن ذلك: أننا نعتقد أن الشارع حكيم لا يشرع شيئًا إلا وفيه حكمة بالغة علمها من علمها وجهلها من جهلها، فكل صفة من هذه الصفات لهذه العبادة تتضمن حكمة بالغة فلو اقتصرنا على بعضها دون بعض لفوتنا مصلحة الصفات المتروكة لكن لو فعلنا جميع الصفات فإننا سوف نكون حزنا جميع هذه الحكم والمصالح ولم نفوت شيئاً منها أبدًا وهذا مطمع كل مؤمن عاقل - والله المستعان -.

إذا علمت هذا فاعلم أن هذه العبادات أعني التي وردت على وجوه متنوعة لا تخلو من حالتين: إما أن يسوغ فعل جميع وجوهها في وقت واحد بحيث لا تتنافى مع بعضها لو جمعت كلها في فعلٍ أو وقتٍ واحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015