هل الله أمرنا بالإتيان بهذا الشرط أي بإيجاده وقد كان معدومًا؟ أم أن الله أمرنا بتركه واجتنابه والابتعاد عنه؟
إذا كان الجواب بالأول:نعم، أي أن الله أمرنا بإيجاده فاعرف أنه من شروط المأمورات.
وإذا كان الجواب بالثاني:نعم، أي أن الله أمرنا بتركه واجتنابه والابتعاد عنه فاعرف أنه من شروط التروك، كالطهارة لصحة الصلاة، وترك الأكل لصحة الصيام.
فتقول: هل الله أمرني بفعل الطهارة وإيجادها والتلبس بها أو أمرني بترك الطهارة؟ الجواب: نعم أمرك الله بإيجاد الطهارة عند إرادة الصلاة، إذًا الطهارة شرط مأمور بإيجاده فلا يسقط بالجهل والنسيان.
وتقول: هل الله أمرني إذا صمت أن أوجد الأكل والشرب أو أترك الأكل والشرب؟ الجواب: هو أن أترك الأكل والشرب، إذًا الأكل والشرب لصحة الصوم شرط تركي فيسقط بالجهل والنسيان وهذا واضح جدًا.
وقولنا: (لا تسقط بالجهل والنسيان) المراد به هو الجهل الذي لا يعذر فيه صاحبه كالجهل الذي يقدر المكلف أن يرفعه عن نفسه لكنه فرط في ذلك. وأما النسيان فهو عارض طبيعي يغطي على التفكير ويقطع اتصاله، ولا يؤاخذ الإنسان به في حالٍ دون حال، إذا علمت هذا فاعلم أن دليل هذه القاعدة هو الاستقراء التام لأدلة الشريعة كما سنذكره الآن في بعض الفروع، والله أعلم. فمنها: رجل صلى بلا ستر عورة ناسيًا أو جاهلاً فما الحكم؟ نقول: هل ستر العورة مما أمر المكلف بإيجاده والتلبس به أو مما أمر المكلف بتركه واجتنابه؟ لاشك أن الجواب هو الأول إذا هو شرط مأمور بإيجاده، والشروط المأمور بإيجادها لا تسقط بالجهل والنسيان إذاً صلاته باطلة ويلزمه إعادتها، والله أعلم.