القاعدة التاسعة والخمسون
وقد يعبر عنها بعباراتٍ أخرى كقولهم: يغتفر في الشيء ضمنًا ما لا يغتفر فيه قصدًا وكقولهم: يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في الأوائل وكلها بمعنىً واحدٍ، ومعناها: أن الشرائط الشرعية المطلوبة يلزم توافرها جميعًا في المحل الأصلي المقصود، ولكن التوابع له التي ليست مقصودة بعينها فإنه يغتفر فيها، ولو قصد هذا التابع لإبطالها فيغتفرفي التوابع الجهالة والغرر وعدم الرؤية والوصف ونحوها، كل ذلك مغتفر فيها؛ لأنها تابعة لغيرها والتابع تابع، ويدل لهذه القاعدة جميع الأدلة التي دلت على القاعدة: (التابع في الوجود تابع في الحكم) ؛ لأنها فرع عنها وبما أننا ذكرنا أدلتها هناك فيكتفى عن أعادتها هنا، بل وحتى فروع القاعدة الماضية هي بعينها فروع هذه القاعدة.
ونزيد بعض الفروع من باب التوضيح فأقول:
منها: الأصل أن قصد قتل المسلم لا يجوز للأدلة القاضية بذلك لكن لو تترس كفار بمسلمين وخفنا من عدم رميهم هجومهم واستحلال ديار الإسلام فحينئذٍ يجب الدفع ورميهم بقصد قتل الجنود الكافرة، فإذا أدى ذلك إلى قتل من تترسوا به من المسلمين فلا بأس ولا ضمان؛ لأن قتلهم حينئذٍ لم يكن مقصودًا وإنما دخل ضمنًا لقتل الكفار، فقتلهم ضمنًا لا بأس به وأما القصد لقتلهم فلا يجوز فثبت ضمنًا ما لم يثبت قصدًا.
ومنها: من حلف لا يشتري صوفًا فاشترى شاة ذات صوف لم يحنث؛ لأن الصوف حينئذٍ تابع للشاة ودخل معها في البيع ضمنًا ولم يقصد في البيع أصلاً، لكن لو قصد شراء الصوف لحنث.