ومنها: من محظورات الإحرام عقد النكاح، فلا يجوز للمحرم أن يَنْكِحُ ولا يُنْكَحُ لحديث عثمان - رضي الله عنه - عند مسلم مرفوعاً: (لا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ ولا يُنْكَحُ ولا يَخْطُبُ) فلو أن المحرم ابتدأ عقد نكاحٍ بعد إحرامه فقد باء بالإثم ولا شك، لكن لو طلق الشخص زوجته ثم أحرم فبدا له أن يراجعها حال إحرامه فهل يجوز له أن يراجعها أم لا؟
نقول: نعم يجوز له ذلك لأن الرجعة ليست ابتداء عقد جديد ولكن هي استمرار لعقد النكاح الأول، فهي من باب البقاء لا من باب الابتداء، فيجوز للمحرم مراجعة زوجته؛ لأن الرجعة من باب البقاء ولا يجوز له أن ينشئ عقد نكاح جديد؛ لأنه من باب الابتداء، ويغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء.
ومنها: من محظورات الإحرام قتل الصيد البري المتوحش طبعًا لقوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} لكن لو قتل شخص صيدًا وليس بمحرم ولا في الحرم، ثم عقد نية الإحرام، فهل يلزمه تخليته أم لا؟ الجواب: لا يلزمه تخليته؛ لأن وجود الصيد معه إنما هو من باب البقاء، لكن لو أنه بعد الإحرام قتل الصيد فإنه يأثم وعليه مثله من النعم لأن قتله حينئذٍ من باب الابتداء، والبقاء أسهل من الابتداء.
ومنها: الأموال المحرمة التي اكتسبها أصحابها وهم لا يعلمون بالتحريم كالأموال الربوية ونحوها، فإذا جهلوا جهة تحريمها ثم علموه فهل يلزمهم أن يتخلصوا من هذه الأموال أم لا؟ الجواب: لا يلزمهم ذلك لأنهم معذورون بجهلهم لتحريمها فيغتفر لهم إبقاؤها لكن لا يجوز لهم بعد العلم بالتحريم تحصيل شيء جديد من هذه الجهة المحرمة فلو فعلوا وجب عليهم التخلص منه؛ لأن البقاء أسهل من الابتداء.