إما أن تفوت إلى بدلٍ، وإما أن تفوت إلى غير بدل، والأصل عدم البدل إلا بدليل صحيح، فإذا تعارضت عبادتان لا يمكن الجمع بينهما بل يلزم من فعل إحداهما تفويت الأخرى، فننظر أوجه التفاضل بينهما، ومن ذلك عظم المصلحة وقلتها، فإذا كان مصلحة إحدى العبادتين أكبر من الأخرى فنقدم الأولى، ومن ذلك ما يكون له بدل مما لا بدل له فنقدم العبادة التي لا بدل لها على التي لها بدل، وهذا هو نص القاعدة، وهو مقتضى الفقه، ويدل على ذلك أن ما يفوت إلى بدل لا تفوت مصلحته، أعني إن فاتت مصلحة أصله فإنه يحل محلها مصلحة بدله، فهو متردد بين المصلحتين إن فاتت إحداهما حلت الأخرى محلها، وأما ما يفوت إلى غير بدل فإن مصلحته تفوت بفواته وليس لها بدل يقوم مقامها، فالقول بتقديمها فيه جمع بين المصلحتين بين مصلحة العبادة التي تفوت إلى غير بدل وبين مصلحة العبادة التي تفوت إلى بدل، إما أن يدركها هي بعينها أو يدرك بدلها، فلاشك أن إدراك ما يفوت أصلاً بلا عوض عنه أولى من الحرص على ما يفوت إلى بدل، هذا من ناحية التنظير والتدليل، أما من ناحية التفريع فهي كثيرة ومن ذلك إذا تعارضت قراءة القرآن مع إجابة المؤذن إذا أذن المؤذن وهو يقرأ القرآن فهل يستمر في القراءة أم يقطعها ويردد وراء الآذان؟

الجواب: أن قراءة القرآن إن فاتت فإنها تفوت إلى بدل وهو أن يقرأ بعد الأذان فهي لا تفوت، وأما إجابة المؤذن فإنه إن فات فإنه يفوت إلى غير بدل فحينئذٍ فتقديم عبادة الترديد وراء المؤذن أولى من قراءة القرآن؛ لأن العبادة التي تفوت إلى غير بدل أولى بالتقديم.

ومنها: صلاة المتطهر بالماء إذا عدمه وكان حاقنًا هل تقدم على عبادة الخشوع وحضور القلب؟ أم يذهب الإنسان ويحدث ويتيمم ويصلي بالتيمم؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015