ومنها: الأصل أن كل قادرٍ على الحج بنفسه أنه يجب عليه أن يحج ببدنه لكن إذا عجز عن الحج بنفسه لمرض كالمعضوب ونحوه وقدر بماله فعليه أن يقيم من يحج عنه، وهذا بدل عن الحج بنفسه، ولم يجز ذلك إلا لأن الأصل تعذر وإذا تعذر الأصل صرنا إلى البدل.
ومنها: الأصل أن قراءة الفاتحة ركن في الصلاة على كل قادرٍ على تعلمها، لكن إن عجز الإنسان عن تعلمها أو ضاق وقت الصلاة ولم يتعلمها بعد، فينتقل إلى البدل وهو التسبيح والتهليل والتكبير والحوقلة، ودليلها حديث أبي أوفى (?) ، فلما عجزنا عن الأصل انتقلنا إلى البدل.
ومنها: كفارة الظهار والقتل الخطأ أو شبه العمد هي على الترتيب فلا يجوز الانتقال إلى الثاني إلا إذا عدم الأصل، والله أعلم.
مسألة: إذا عجز الإنسان عن الأصل ثم انتقل إلى البدل ثم قدر على الأصل فهل يلزمه أن ينتقل إلى الأصل لزوال المانع أو يجزئه البدل؟
الجواب: هذا سؤال مهم جدًا، وجوابه أن يقال: إذا قدر الإنسان على الأصل بعد الانتقال إلى البدل فلا يخلو من ثلاث حالات:
الأولى: أن يقدر على الأصل قبل الشروع في البدل أو فيما يكون البدل شرطًا فيه، فهذا يجب عليه الانتقال إلى الأصل ولا يجزئه البدل، كمن قدر على الماء قبل الشروع في الصلاة فيلزمه إعادة التطهر بالماء وتبطل طهارة التراب، وكمن قدر على الهدي قبل الشروع في الصيام فيلزمه أن يذبح الهدي فلو صام بعد القدرة على الهدي لانقلب صيامه نفلاً ولا يجزئه عن الهدي، وكمن قدر على إحدى خصال الكفارة قبل الشروع في الصوم فيلزمه أن يكفر بالمقدور عليه منها، وذلك لأننا أجزنا له الانتقال إلى البدل لأن الأصل قد تعذر، فشرط الانتقال إلى البدل هو تعذر الأصل فلما قدر عليه مرة أخرى زال الشرط الذي به يباح البدل فالأصل مقدور عليه الآن وإذا قدرنا على الأصل لم يجز الانتقال للبدل.