ومنها: قوله تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا ... } الآيتين بعدها. قال المفسرون: أن هؤلاء طائفة من بني إسرائيل حرم الله عليهم صيد الحيتان يوم السبت، فامتثلوا في أول الأمر، فكان من فتنة الله لهم أن الحيتان لا تظهر وتقترب من شواطئهم إلا يوم السبت وتختفي في غيره فتحايلوا على ذلك فقالوا: نضع شباكنا يوم الجمعة ونأخذها يوم الأحد فلا نكون قد باشرنا الصيد يوم السبت وإنما الحيتان هي التي وقعت في الشباك بنفسها، فلما فعلوا ذلك جاءهم الناصحون والمنكرون فأبوا فنزل العذاب بهم، ومن المعلوم أن العذاب لم ينزل إلا لارتكابهم ما نهوا عنه، وهم في الظاهر لم يباشروا الصيد بأيديهم يوم السبت لكن لما نزل العذاب بهم علمنا أنهم ارتكبوا عين ما نهوا عنه وأن حيلتهم لم تنفعهم شيئًا، فهذا من أقوى الأدلة على تحريم الحيل.

ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله المحلل والمحلل له) والمراد بالمحلل - بالكسر - هو من يتزوج المرأة المطلقة ثلاثًا بقصد تحليلها لزوجها لا نكاح رغبة، وهو التيس المستعار والمحلل له - بالفتح - هو زوج المرأة الأول الذي بَتَّ طلاقها، وكلاهما ملعونان بنص الحديث؛ لأنهما احتالا على الشريعة لإحلال المرأة المطلقة لزجها الأول، وهي حيلة لا تحل حرامًا ولا تحرم حلالاً، فإن المرأة التي نكحت نكاح تحليل لا تحل لزوجها الأول بهذا النكاح وهو اختيار شيخ الإسلام أبي العباس بن تيمية، وابن القيم وغيرهما، مما يدل على أن الحيل باطلة وأن صاحبها قريب من لعنة الله - والعياذ بالله تعالى -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015