ومنها: الجهر فيما السنة فيه عدمه، كدعاء الاستفتاح والفاتحة في السرية أو في الجنازة ونحو ذلك، الأصل أنه مفضول لكن إن اقترنت به مصلحة تعليم الناس بالسنة فإنه يكون فاضلاً، ولذلك ثبت عن عمر أنه جهر بدعاء الاستفتاح، وجهر ابن عباس بالفاتحة في صلاة الجنازة وقال: لتعلموا أنها السنة، وصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وسجد في أصل المنبر ليتعلم الناس صلاته، مع أنه فيه حركة ليست من جنس الصلاة من تقدم وتأخر، لكن لما اقترنت مصلحة تعليم الناس الأمر المشروع صار المفضول فاضلاً (?) .
ومنها: أن الأفضل هو إخفاء الصدقة كما قال تعالى: {وَإنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} وفي الحديث: (صدقة السر تطفئ غضب الرب) والمفضول هو إخراجها أمام الناس، لكن إن اقترنت بهذا المفضول مصلحة شرعية فإنه يكون فاضلاً كحث الناس على الصدقة وترغيبهم فيها ونحوه، وعلى هذا يخرج حديث صدقة أبي بكرٍ بماله كله، وعمر بنصف ماله، ولما أمر بالصدقة على بعض الوفود وجاء رجل بذهيبة تكاد يده تعجز عن حملها ووضعها بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فتتابع الناس في الصدقة فقال: (من سن سنة حسنة) … الحديث. وهو معروف، فإخفاء الصدقة أفضل إن لم يكن هناك مصلحة شرعية، وإبداؤها أفضل إن كان هناك مصلحة شرعية، والله أعلم.