ومنها: إذا ادعت المرأة أن زوجها لا ينفق عليها وقد مكثت عنده عدة سنوات، فإنه من الأكيد أنها في هذه الفترة لابد أن تأكل وتشرب وتكتسي فلا يخلو هذا إما أن يكون من الزوج وإما من غيره لكن السبب المعلوم عندنا هو أن يكون طعامها وشرابها وكسوتها في هذه الفترة من زوجها؛ ولأن الأصل عدم نفقة غيره عليها فأحلنا هذا لحكم لسببه الظاهر وأسقطنا دعواها (?) ؛ لأن القاعدة تقضي بإحالة الحكم على سببه الظاهر.
ومنها: لو أصدق رجل امرأة تعليم سورة البقرة ثم ادعت عليه أنه لم يقم بذلك ووجدناها بعد الدعوى تحفظها، فإن هذا الحفظ يحتمل أن يكون من سببين إما أن يكون بتعليمه وتحفيظه لها سورة البقرة وهذا هو السبب المعلوم، وإما أن يكون هي حفظتها من نفسها أو بسببٍ آخر، والقاعدة تقضي أن يكون هو الذي علمها وأن دعواها ساقطة وأن ذمته بريئة وذلك إحالة للحكم على السبب المعلوم (?) ، والله أعلم.
ومنها: لو تزوج الإنسان بكرًا ثم بعد مدةٍ ادعت أنه عنين وكذبها في دعواها، وكشفت القابلة عليها فوجدتها ثيبًا وادعت أن ثيوبتها من سببٍ آخر كسقوطٍ أو إدخال إصبع ونحوه فإن عندنا لثبوتها سببين: أحدهما معلوم وهو أن يكون زوجها هو الذي فضها ويحتمل أن تكون بسببٍ آخر، لكن القاعدة تقضي إحالة هذه الثيوبة إلى الزوج؛ لأنه السبب المعلوم، وما سواه من الأسباب فمقدر مظنون فلا عبرة به، وبالتالي فدعواها باطلة لوجود ما يناقضها.
وبهذا ينتهي الكلام على هذه القاعدة المفيدة جدًا لطالب العلم، ولعل فيما ذكر من الفروع والتخريج كفاية - إن شاء الله تعالى -، والله تعالى أعلى وأعلم.