ومنها: إذا وجد الإنسان في ثوبه بللاً بعد نومةٍ، ولم يتحققه منيًا، وقد تقدم نومه مداعبة من قبلةٍ وضمٍ ونحوه، فإن هذه أسباب للمذي، فهذه البلة عندنا لها سببان: إما أن تضاف إلى هذه الأسباب المعلومة، وإما أن تضاف إلى أسباب أخرى مظنونة، وعلى نص القاعدة فإنها تضاف إلى السبب المعلوم، فنقول: إن هذه البلة مذي تأخذ حكمه من وجوب غسل جميع الذكر مع الأنثيين وغسل ما أصابه من الثوب والبدن إضافة لهذه البلة للسبب المعلوم التي هي أسباب للمذي (?) ، والله أعلم.
ومنها: من جرح الصيد جرحًا غير قاتل ثم وجده ميتًا وليس به إلا أثر سهمه فيحل الصيد إحالة للموت على السبب المعلوم، وهو هذا الجرح، وتقدمت قبل قليل.
ومنها: من جرح غيره جرحًا غير قاتل ولم يمت به، ثم مات بعد فترة فلموته سببان إما أن يكون بسبب سراية الجرح المعلوم وإما أن يكون بسببٍ محتملٍ مقدرٍ غيره، وعلى مقتضى هذه القاعدة يحال موته على السبب المعلوم وهو هذا الجرح فيوجب القصاص إن كان عمدًا عدوانًا أو الدية إن كان خطأً، أو شبه عمد، لكن ينبغي أن يقرر ذلك طبيب عالم مسلم أن الموت حصل بسبب سراية الجرح، والله أعلم.
ومنها: لو جرح المحرم الصيد جرحًا غير قاتل ثم بعد مدةٍ وجد الصيد ميتًا وليس به أثر جرحٍ آخر، فعندنا لموته سببان: أحدهما: معلوم وهو الجرح الأول. والآخر: مظنون مقدر وهو أن يكون مات بسببٍ آخر، والقاعدة تقضي إضافة الحكم إلى سببه المعلوم، فنقول: إن الظاهر أن الصيد لم يمت إلا بسبب جرح المحرم له فعلى المحرم جزاؤه وهو المثل وهذا هو الصحيح من المذهب.