ومنها: لو قال البائع: بعتك إن جئتني بكذا أو إن رضي زيد، فهذا عند الأصحاب لا يصح لعدم نقل الملك؛ ولأنه عقد غير مجزوم به بل معلق على شرط؛ ولأنه قد يجيء أو لا يجيء، وقد يرضى أو لا يرضى، والأصل في البيع هو انتقال السلعة إلى المشتري والمال إلى البائع بعد العقد، فهذا الشرط لا ينعقد معه البيع.
قلت: بل هو صحيح لا غبار عليه، فالعقد والشرط كلاهما صحيح؛ لأن الأصل في الشروط في البيع الحل والإباحة إلا بدليل، ولا دليل يدل على تحريم هذا الشرط، فإن رضي به المشتري لزمه وإلا فلا يلزمه الدخول فيه وقبوله أصلاً؛ ولأن المسلمين على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالاً، وهذا الشرط ليس فيه ما يحل الحرام أو يحرم الحلال.
وأما قولهم: أنه يبقى العقد معلقًا والملك لم ينتقل، قلنا: نعم وهذا هو مقصود هذا الشرط، فالبائع لا يريد انتقال المبيع إلا إذا جاء زيد أو رضي بهذا البيع، واختار هذا القول شيخ الإسلام تقي الدين وتلميذه ابن القيم، والله أعلم.
ومنها: باعه جارية واشترط عليه إن باعها فهو أحق بها بالثمن، فاختار بعض العلماء بطلان الشرط لانتقال الملك من يده؛ ولأن صاحب السلعة لا يجبر أن يبيعها لواحدٍ بعينه. لكن الراجح هو صحة هذا البيع وهذا الشرط؛ لأن الأصل صحة هذه الشروط إلا بدليل يبطلها، ولا دليل على إبطال هذا الشرط، فإن رضي به المشتري وإلا فلا يلزمه الدخول في العقد، ولعموم حديث: (المسلمون على شروطهم) فإذا جاء المشتري يبيع هذه الجارية أو هذه الدار ونحوها فإن بائعها الأول أحق بها بالثمن، وإن أبى المشتري أن يبيعها عليه أجبره الحاكم؛ لأنه التزم ذلك الشرط، واختاره شيخ الإسلام تقي الدين رحمه الله.
ومنها: اشترى منه حطبًا واشترط عليه حمله وتكسيره ورصه في مكان معين صح البيع والشرط؛ لأن الأصل فيها الحل والإباحة.