ومنها: جواز المسح على العمامة والجبيرة، فقد دلت الأدلة على جواز المسح عليهما، ولا يكلف لابسهما بخلعهما والإتيان بالفرض، بل اجتزأت الشريعة بالمسح عليهما وذلك لما في خلعهما من العسر والحرج.
ومنها: جواز جمع الاثنين والثلاثة من الأموات في قبرٍ واحدٍ للضرورة، وذلك لكثرة الموتى وقلة من يدفن وخيف الفساد عليهم، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بشهداء أحد فقد كان يدفن الاثنين والثلاثة في القبر الواحد ويقول: أيهم أكثر أخذًا للقرآن فيقدمه في اللحد، فلما وجد العسر في تخصيص كل واحد منهم بقبر ارتفع باليسر وهو جواز الجمع بينهم في القبر الواحد.
ومنها: إسقاط المؤاخذة عن من فعل محظورًا من المحظورات، كمحظورات الإحرام والمفطرات للصائم إذا كان ناسيًا أو جاهلاً أو مكرهًا وذلك؛ لأن الامتثال في هذه الأحوال فيه عسر ومشقة فزال العسر وارتفعت المشقة بإسقاط الإثم والمؤاخذة وهذا هو الراجح الموافق للأدلة الشرعية.
وتقدم طرف منه في القاعدة السادسة عشرة، والله أعلم.
وتتبع هذا الباب يطول فعلى المفتي أن يجعل ذلك الأصل بين عينيه عند الإفتاء فيما يتعلق به، فلا يغلظ على الناس فيما لم يرد فيه دليل صريح، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يخير بن أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، والله أعلم.