فيه خلاف، فقيل بتكليفه وهو رواية عن أحمد – رحمه الله تعالى – ليست هي المشهورة واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (مروا أولادكم بالصلاة لسبعٍ واضربوهم عليها لعشر) والأمر للوجوب والعقاب لا يكون إلا على ترك واجب، فلو لم تكن واجبة لما استحقوا على تركها العقاب، واستدلوا أيضًا بوجوب الزكاة عليهما، والزكاة حكم تكليفي، وبأنهما لو أتلفا شيئًا وجب عليهما ضمانه، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - للحسن أو للحسين لما أراد أن يأخذ تمرة ساقطة: كخٍ كخٍ إني أخشى أن تكون من الصدقة، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - للذي طاشت يده في الطعام وهو صغير لم يحتلم لكنه مميز وهو عمر بن أبي سلمة قال له: (يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك) متفق عليه، والتسمية على الطعام واجبة، والأكل باليمين كذلك وهما حكمان تكليفيان فدل ذلك على أن المميز مكلف. وقال جماهير العلماء بعدم تكليفه وهي رواية عن أحمد أيضًا ورجحها كثير من أصحابه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (رفع القلم عن ثلاثة، عن الصغير حتى يحتلم) وهو نص في المسألة؛ ولأن تعليق التكليف بأول جزءٍ من أجزاء التمييز تعليق لما لا دليل عليه (?) ، فإن التمييز كضوء النهار يبدأ أولاً لا يكاد يرى ثم ينتشر شيئًا فشيئًا، فعلامة ابتداء التمييز غير معلومة لنا؛ ولأنها متفاوتة أشد تفاوت بين جيل وآخر.
وأما وجوب الضمان لما أتلفوه ووجوب الزكاة فليس هو من باب التكليف، وإنما هو من باب ربط الأحكام بأسبابها. فالضمان من الأحكام الوضعية لا التكليفية، وقلنا سابقًا أن الأحكام الوضعية لا يشترط فيها شروط التكليف.