ومنها: الطهارة عبادة لها سبب وجوب وشرط وجوب، فسبب وجوبها الحدث وشرط وجوبها القيام إلى الصلاة فتجوز الطهارة بعد الحدث وقبل القيام إلى الصلاة وتجب عند إرادة القيام إلى الصلاة؛ لأنه شرط وجوبها، والله أعلم.
وأحسب أنه بهذه الفروع قد فهمت هذه القاعدة فهمًا جليًا وعليها فقس، لكن كما ذكرت سابقًا أن فهمهما متوقف على معرفة سبب الوجوب وشرط الوجوب، والله تعالى أعلى وأعلم.
القاعدة الثالثة
هذه من القواعد الخمس الكبرى، وتدخل في غالب أبواب الفقه وبالتحديد تدخل هذه القاعدة في كل فرعٍ يتجاذبه يقين وشك فتسقط الشك وتحكم باليقين ذلك؛ لأن الشك لا يقوى على رفع اليقين؛ لأنه أضعف منه، والضعيف لا يقوى على رفع القوي ولها أدلة كثيرة من الكتاب والسنة.
فمن ذلك: قوله تعالى: {إنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا} فالحق هو اليقين والظن هو الشك فعاب الله جل وعلا على من اتبع الظنون الكاذبة وترك الحق الثابت بالدليل الواضح.
ومن ذلك: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثًا أم أربعًا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن) الحديث، وهو نص في القاعدة فقد أمر بإطراح الشك والبناء على اليقين وهو معنى قولنا: (اليقين لا يزول بالشك) .
ومنه: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبد الله بن زيد عند الشيخين: أنه شكى إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: (لا ينصرف أو لا ينفتل حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا) أي فيبقى على يقين الطهارة حتى يتأكد من خروج الريح الناقضة للوضوء وهو نص في هذه القاعدة.