أعلم - وفقنا الله وإياك عليه السلام أنه لما كان لأهل العبارة نحو لتقويم اللسان، كان لأهل الإشارة نحو لتقويم الجنان، فقال أهل العبارة: نحونا مفصل على ثلاثة فصول:
أسماء، وأفعال، وحروف.
وقال أهل الإشارة: نحونا محصل من ثلاثة أصول: أقوال، وأحوال، وأفعال.
فبدأ أهل العبارة بالأسماء، وقدموها على الأفعال، لأنها الأصل في الكلام، لشيوعها، وعمومها، وكذلك القوم، بدؤوا بالأقوال، وهي العلوم؛ لأنها مقدمة على العمل، بدليل قوله (صلى الله عليه وسلم): أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فأول ما أمرهم بالقول، وقال الله سبحانه وتعالى لنبيه (صلى الله عليه وسلم): {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}، فأول ما أمره بالعلم، وقال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، فأول ما أقرأه اسمه. ثم أثمر لهم العلم بالعمل، الذي هو رتبة الفعل من النحو. ثم أثمر لهم العلم الحال الذي هو في رتبة الحرف الذي جاء لمعنى في غيره.