باب الكلام وأقسامه وعلامة العلم وأعلامه

أعلم - وفقنا الله وإياك عليه السلام أنه لما كان لأهل العبارة نحو لتقويم اللسان، كان لأهل الإشارة نحو لتقويم الجنان، فقال أهل العبارة: نحونا مفصل على ثلاثة فصول:

أسماء، وأفعال، وحروف.

وقال أهل الإشارة: نحونا محصل من ثلاثة أصول: أقوال، وأحوال، وأفعال.

فبدأ أهل العبارة بالأسماء، وقدموها على الأفعال، لأنها الأصل في الكلام، لشيوعها، وعمومها، وكذلك القوم، بدؤوا بالأقوال، وهي العلوم؛ لأنها مقدمة على العمل، بدليل قوله (صلى الله عليه وسلم): أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فأول ما أمرهم بالقول، وقال الله سبحانه وتعالى لنبيه (صلى الله عليه وسلم): {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}، فأول ما أمره بالعلم، وقال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، فأول ما أقرأه اسمه. ثم أثمر لهم العلم بالعمل، الذي هو رتبة الفعل من النحو. ثم أثمر لهم العلم الحال الذي هو في رتبة الحرف الذي جاء لمعنى في غيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015