الصوفية قوما أباحوا الفروج بادعاء الأخوة فيقول أحدهم للمرأة تؤاخيني عَلَى ترك الاعتراض فيما بيننا قلت وَقَدْ روى لنا أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عَلِيٍّ التِّرْمِذِيّ الحكيم فِي كتاب رياضة النفوس قَالَ روي لنا أن سَهْل بْن عَلِيٍّ المروزي كان يَقُول لامرأة أخيه وهي معه فِي الدار استتري مني زمانا ثم قَالَ لها كوني كيف شئت قَالَ التِّرْمِذِيّ وكان ذلك مِنْهُ حين وجد شهوته قلت أما موت الشهوة هَذَا لا يتصور مَعَ حياة الآدمي وإنما يضعف والإنسان قد يضعف عَنِ الجماع ولكنه يشتهي اللمس والنظر ثم يقدر أن جميع ذلك أرتفع عنه أليس نهى الشرع عَنِ النظر والنظر باق وَهُوَ عام وقد أَخْبَرَنَا ابْن ناصر بإسناد عَنْ أبي عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ قيل لأبي نصر النصراباذي أن بعض الناس يجالس النسوان ويقول أنا معصوم فِي رؤيتهن فَقَالَ مَا دامت الأشباح قائمة فَإِن الأمر والنهي باق والتحليل والتحريم مخاطب به ولن يجترىء عَلَى الشبهات إلا من يتعرض للمحرمات وَقَدْ قَالَ أَبُو علي الروزباري وسئل عمن يَقُول وصلت إِلَى درجة لا تؤثر فِي اختلاف الأحوال فَقَالَ قد وصل ولكن إِلَى سقر وبإسناد عَنْ الجريري يَقُول سمعت أبا القاسم الجنيد يَقُول لرجل ذكر المعرفة فَقَالَ الرَّجُل أهل المعرفة بالله يصلون إِلَى ترك الحركات من باب البر والتقرب إِلَى اللَّه عز وجل فَقَالَ الجنيد أن هَذَا قول قوم تكلموا بإسقاط الأعمال وهذه عندي عظيمة والذي يسرق ويزني أحسن حالا من الذي يَقُول هَذَا وأن العارفين بالله أخذوا الأعمال عَنِ اللَّه واليه رجعوا فيها ولو بقيت ألف عام لم أنقص من أعمال البر ذرة إلا أن يحال بي دونها لأنه أوكد فِي معرفتي به وأقوى فِي حالي وبإسناد عَنْ أبي مُحَمَّد المرتعش يَقُول سمعت أبا الْحُسَيْن النوري يَقُول من رأيته يدعي مَعَ اللَّه عز وجل حالة تخرجه عَنْ حد علم شرعي فلا تقربنه ومن رأيته يدعي حالة باطنة لايدل عليها ويشهد لها حفظ ظاهر فاتهمه عَلَى دينه.
الشبهة السادسة: أن أقواما بالغوا فِي الرياضة فرأوا مَا يشبه نوع كرامات أَوْ منامات صالحة أَوْ فتح عليهم كلمات لطيفة أثمرها الفكر والخلوة فاعتقدوا أنهم قد وصلوا إِلَى المقصود وَقَدْ وصلنا فما يضرنا شيء ومن وصل إِلَى الكعبة أنقطع عَنْ السير فتركوا الأعمال إلا أنهم يزينون ظواهرهم بالمرقعة والسجادة والرقص والوجد ويتكلمون بعبارات الصوفية فِي المعرفة والوجد والشوق وجوابهم هو جواب الذين قبلهم.
قال ابْن عقيل أعلم أن الناس شردوا عَلَى اللَّه عز وجل وبعدوا عَنْ وضع الشرع إِلَى أوضاعهم المخترعة فمنهم من عَبْد سواه تعظيما لَهُ عَنْ العبادة وجعلوا تلك وسائل عَلَى زعمهم.