الزكام وبعد هَذَا فالأعمال بالنيات والناقد بصير وكم من ساكت عَنْ غيبة المسلمين إذا اغتيبوا عنده فرح قلبه وَهُوَ آثم بذلك من ثَلاثَة أوجه أحدها الفرح فانه حصل بوجود هذه المعصية من المغتاب والثاني لسروره بثلب المسلمين والثالث أنه لا ينكر.
فصل: وقد لبس إبليس عَلَى الكاملين فِي العلوم فيسهرون ليلهم ويدأبون نهارهم فِي تصانيف العلوم ويريهم إبليس أن المقصود نشر الدين ويكون مقصودهم الباطن انتشار الذكر وعلو الصيت والرياسة وطلب الرحلة من الآفاق إِلَى المصنف.
وينكشف هَذَا التلبيس بأنه لو انتفع بمصنفاته الناس من غير تردد إِلَى أَوْ قرئت عَلَى نظيره فِي العلم فرح بذلك إن كان مراده نشر العلم وَقَدْ قَالَ بعض السلف مَا من علم علمته إلا أحببت أن يستفيده الناس من غير أن ينسب إلي ومنهم من يفرح بكثرة الاتباع ويلبس عَلَيْهِ إبليس بأن هَذَا الفرح لكثرة طلاب العلم وإنما مراده كثرة الأصحاب واستطارة الذكر ومن ذلك العجب بكلماتهم وعلمهم وينكشف هَذَا التلبيس بأنه لو انقطع بعضهم إِلَى غيره ممن هو أعلم مِنْهُ ثقل ذلك عَلَيْهِ وما هذه صفة المخلص فِي التعليم لأن مثل المخلص مثل الأطباء الذين يداوون المرضى لله سبحانه وتعالى فَإِذَا شفي بعض المرضى عَلَى يد طبيب منهم فرح الآخر وَقَدْ ذكرنا آنفا حديث ابْن أبي ليلى ونعيده بإسناد1 آخر عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أبي ليلى قَالَ أدركت عشرين ومائة من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأنصار مَا منهم رجل يسأل عَنْ شيء إلا ود أن أخاه كفاه ولا يحدث بحديث إلا ود أن أخاه كفاه.
فصل: قَالَ المصنف وَقَدْ يتخلص العلماء الكاملون من تلبيسات إبليس الظاهرة فيأتيهم بخفي من تلبيسه بأن يَقُول لَهُ مَا لقيت مثلك مَا أعرفك بمداخلي ومخارجي فان سكن إِلَى هَذَا هلك بالعجب وان سلم من المسألة لَهُ سلم وَقَدْ قَالَ السري السقطي لو أن رجلا دخل بستانا فيه من جميع مَا خلق اللَّه عز وجل من الأشجار عليها من جميع مَا خلق اللَّه تعالى من الأطيار فخاطبه كل طائر بلغته وقال السلام عليك يا ولي اللَّه فسكنت نفسه إِلَى ذلك كأن فِي أيديها أسيرا وَاللَّه الهادي لا إله إلا هو.