بل هو يطمع في تحقيق ذلك ولا أدري أتطاوعه نفسه أم لا؟ ولا إن كان صادقاً معها أم يخيل لها الصدق؟ .
ولذلك، فلا أجعل في حل من زكاتي – لا سيما على ملأ – بما لا يطلع عليه إلا الذي يلعم السر وأخفى، وأذكره بقول التقى ابن التقي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لرجل قال له: ((لا يزال المسلمون بخير ما دمت فيهم)) ، فأجابه عليه الرضوان: ((إنك لا تدري علام يغلق عليه ابن أمك بابه)) !! فكل الذي أرجوه ممن نفعه الله عز وجل بهذا التذكير والإلحاح الذي ضمنته ثنايا هذا الكتاب أن يدعو لي الله عز وجل أن يرزقني الصدق والإخلاص وأن يجعل عملي كله صالحاً ولوجهه خالصاً ولا يجعل لأحد فيه شيئاً، وأن يرزقني وإخواني وكافة أهل الإسلام حسن العاقبة والخوف من سوء الخاتمة، فإن من المشاهد المعروف أن آمن الناس من الشئ أوقعهم والعياذ بوجه الله تعالى.
(وعوداً)) إلى ما نحن بصدده، فقد روى الحديث موقوفاً أيضاً على حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه عند ابن نصر أيضاً (150) من طريق الوليد بن مسلم الدمشقي عن ثور بن يزيد عنه، ولفظة: (لو خشع قلب هاذ سكنت جوارحه)) وإسناده ضعيف له علتان:
الأولى: عنعنة الوليد بن مسلم: فإنه ثقة حافظ لكنه كثير التدليس والتسوية.
الثانية: الإعضال بين ثور بن يزيد وحذيفة، فإن جميع شيوخ ثور الذين ذكرهم المزي في ((تهذيب الكمال)) (4/418/419) لا يدرك أحد منهم حذيفة أصلاً، إذ تقدمت وفاته رضي الله عنه (ت36) . وقد قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في ((الذل والانكسار للعزيز الجبار)) - المتشتهر باسم ((الخشوع في الصلاة)) - (ص12بتعليق على الحلبي) : ((ورأى بعض السلف رجلاً يعبث بيده في الصلاة، فقال: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه. وروى ذلك عن حذيفة رضي الله عنه وسعيد بن المسيب. ويروى مرفوعاً لكن بإسناد لا يصح)) قال المعلق: ((وجزم شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى)) (18/273)