ابو الْعَلَاء سعيد بن حمدَان برسالتهما الى المقتدر يسألانه الْحُضُور ليشاهده اصحاب مونس فيستأمنون فَلم يجبهُ
وَتَتَابَعَتْ رسلهما حَتَّى كَانَ اخرهم مُحَمَّد بن احْمَد القراريطي كَاتب هَارُون وَهُوَ لَا يُجِيبهُمْ ووقف على ظهر دَابَّته ووراءه الْوَزير ابو الْفَتْح ومفلح وخواص غلمانه فَلَمَّا الحوا عَلَيْهِ وَقَالُوا ان الغلمان يؤثرون رُؤْيَة امير الْمُؤمنِينَ
فَمضى حِينَئِذٍ كَارِهًا الْمُضِيّ وَمَعَهُ مُفْلِح وتخلف عَنهُ الْوَزير فَلَمَّا قَارب دجلة انهزم اصحابه قبل وصولهم واستؤسر احْمَد بن كيغلغ وَجَمَاعَة القواد وَآخر من ثَبت مُحَمَّد بن ياقوت
وَلَقي المقتدر عَليّ بن بليق (2) فترجل لَهُ وَقبل الارض بَين يَدَيْهِ ووافى البربر من اصحاب مونس فاحاطوا بالمقتدر وضربه رجل مِنْهُم ضَرْبَة فَسقط مِنْهَا وَقَالَ وَيحكم اني الْخَلِيفَة فَقَالُوا فلك نطلب واضجعوه وذبحه احدهم بِالسَّيْفِ وَطرح اُحْدُ اصحابه نَفسه عَلَيْهِ فذبح ايضا وَرفع (3) راسه على خَشَبَة وسلب ثِيَابه حَتَّى مر بِهِ اكار فستره بحشيش وحفر لَهُ وَدَفنه وَعفى اثره (4)
وَنزل عَليّ بن بليق (3) وابوه فِي الْمضَارب وانفذ الى دَار السُّلْطَان من يحفظها
وَانْحَدَرَ مونس الى الشماسية فَبَاتَ بهَا
وَمضى عبد الواحد بن المقتدر ومفلح وَهَارُون وَمُحَمّد (5) وابناء رائق على ظهر خيولهم الى الميدان
وَكَانَ مَا فعله مونس من ضرب وَجه المقتدر بِالسَّيْفِ سَببا لجرأة الاعداء على الْخُلَفَاء
وَكَانَت مُدَّة وزارة ابي الْفَتْح لأمير الْمُؤمنِينَ المقتدر بِاللَّه رَحمَه الله خَمْسَة اشهر وَعشْرين يَوْمًا
وَلما حمل رَأس المقتدر الى مونس بَكَى وَقَالَ وَالله لَنَقْتُلَنَّ كلنا وَالصَّوَاب ان نرتب مَكَانَهُ ابْنه ابا الْعَبَّاس فتسخو نفس جدته السيدة باخراج المَال
فَثنى رَأْيهمْ ابو يَعْقُوب اسحاق بن يَعْقُوب (6) النوبختي (7) وَقَالَ الصَّوَاب ان توَلّوا القاهر مُحَمَّد بن المعتضد بِاللَّه مِقْدَارًا استقامة امْرَهْ مَعَه فَكَانَ الامر على خلاف مَا حسب