وَحكى ابْن سِنَان ان ابْن قرَابَة كَانَ صديقا لابيه فَدخل عَلَيْهِ بعد مَا صودر فَقَالَ لَهُ خلطت حَتَّى صودرت وَقد حصل لي الان مَا يرْتَفع مِنْهُ عشرُون الف دِينَار فِي السّنة خَالِصَة لي لي من الاملاك مَا لَيْسَ لأحد مثله وَمن الالات والفرش والمخروط والصيني والجوهر مَا لَيْسَ لَاحَدَّ وَكَذَلِكَ من الرَّقِيق والخدم والغلمان والكراع وَمَعِي ثَلَاثمِائَة الف دِينَار صَامت لَا احْتَاجَ اليها وبيني وَبَين ابْن مقلة مَوَدَّة وَهُوَ مقدم من فَارس وزيرا فَهَل ترى لي ترك التَّخْلِيط وَلُزُوم رب النِّعْمَة واصلاحها
فَقَالَ لَهُ ابْن (1) سِنَان (2) مَا رَأَيْت أعجب من امرك انما يسْأَل عَن الامر الْخَفي واما عَن الْوَاضِح الْجَلِيّ فكلا وَبعد اعقبك فَائِدَة واثمرك صلاحا فلازمه والا فَكف عَنهُ وايضا فان الانسان يكد ليحصل لَهُ بعض مَا حصل لَك وَقد اتاك هَذَا وادعا فاشكر الله وتمتع بنعمتك الَّتِى انْعمْ الله سُبْحَانَهُ بهَا عَلَيْك فَقَالَ صدقت وَنَصَحْت وَلَكِن لي نفس مشومة لَا تصبر وسأعود مَا كنت فِيهِ
فَلَمَّا خرج ابْن سِنَان من عِنْده قَالَ لَا يَمُوت ابْن قرَابَة الا فَقِيرا اَوْ مقتولا
وَلما ورد مونس وَكَانَ هَارُون بن غَرِيب قد وكل بِهِ غلْمَان وَقَيده وامرهم باخراجه الى وَاسِط فَقتل المقتدر بِاللَّه رَحمَه الله فِي ذَلِك الْيَوْم فهرب الموكلون بِهِ وَبَقِي مَعَه خادمان وَكَانَ ابْن قرَابَة اشتراهما لهارون فتعطفا عَلَيْهِ وصارا بِهِ الى الفرضة (3) وادخلاه مَسْجِدا بهَا واحضرا حدادا فَكسر قيوده وَمَشى الى منزله بسويقة غَالب ووهبا لَهُ خَمْسمِائَة دِينَار
ثمَّ اداه التَّخْلِيط الى ان قبض عَلَيْهِ القاهر فازال نعْمَته وَقبض املاكه وهدمت دَاره واراد قَتله فَزَالَ امْر القاهر فَعَاد الى تخليطه وَمضى الى البريدي (4) لما خالفوا السُّلْطَان
وَمضى الى معز الدولة من نهر ديالي وصودر حَتَّى لم يبْق لَهُ بَقِيَّة واضطر الى ان خدم نَاصِر الدولة فِي كل شهر بِمِائَة دِينَار وَكَانَ ينْفق امثالها وَمَات بالموصل
وَفِي ذِي الْحجَّة من هَذِه السّنة عقد المقتدر لابي الْعَلَاء سعيد بن حمدَان على الْموصل وديار ربيعَة
وَفِي هَذِه السّنة توفّي ابو الْقسم الْبَلْخِي الْمُتَكَلّم (5) صَاحب المقالات وَالتَّفْسِير ببلخ