فَدخل معز الدولة وَمَعَهُ الصَّيْمَرِيّ وحاجبه ابو الْحسن الْخُرَاسَانِي فَقَالَ لَهُ الصَّيْمَرِيّ بِالْفَارِسِيَّةِ واصحاب الْخَلِيفَة لَا يعرفونها فِي اي مَوضِع انت حَتَّى تسترسل اما تعلم انه قد فتك فِي هَذِه الدَّار بِأَلف امير ووزير الْيَسْ لَو وقف لنا عشرَة من الخدم فِي هَذِه الممرات الضيقة لأخذونا فَقَالَ صدقت وان رَجعْنَا السَّاعَة علم اننا قد فزعنا وخفنا وضعفت هيبتنا فَقَالَ الصَّيْمَرِيّ ادن مني فان مائَة من الخدم لَا يقاومونني
فَانْتَهوا الى دَار فِيهَا صنم من صَخْر على صُورَة امْرَأَة وبيد يَديهَا اصنام صغَار فَسَالَ عَنْهَا فَقيل هَذَا حمل من بلد من بلدان الْهِنْد وَقد فتح فِي ايام المقتدر رَحمَه الله وَكَانَ يعبد هُنَاكَ فَقَالَ لَو كَانَ مَكَانَهُ جَارِيَة لاشتريتها بِمِائَة الف ديار على قلَّة رغبتي فِي الْجَوَارِي وَأُرِيد ان اطلبه من الْخَلِيفَة فَمَنعه الصَّيْمَرِيّ
وَمَا رَجَعَ الى معز الدولة عقله حَتَّى رَجَعَ الى طياره وَقَالَ قد رَأَيْت محبتي للخليفة وثقتي بِهِ وَلَو اراد بِنَا سوءا لَكنا الْيَوْم فِي قَبضته وَتصدق بِعشْرَة الاف دِرْهَم شكرا لله على سَلَامَته
وَفِي هَذِه السّنة قتل ابو الطّيب المتنبي (1) وَكَانَ عِنْد عضد الدولة بشيراز فودعه بقصيدته الَّتِى نعا فِيهَا نَفسه وَقَالَ فِيهَا اشياء لم يقل فِي عَقبهَا ان شَاءَ الله مِنْهَا ... اذا التوديع اعْرِض قَالَ قلبِي ... عَلَيْك الصمت لَا صاحبت فاكا (2)
... وَكم دون الثوبة (3) من حَزِين ... يَقُول لَهُ قدومي ذَا بذاكا
فَلَو سرنا وَفِي تشرين خمس ... رأوني قبل ان يرووا (4) السماكا ...
قَالَ ابْن جني بَالغ وبغى فِي ذكر السرعة لِأَن السماك يطلع لخمس يخلون من تشرين الاول اي كنت اسبقه الى الْكُوفَة بالطلوع عَلَيْهِم ... وَمَا انا غيرسهم فِي هَوَاء ... يعود وَلم يجد فِيهِ امتساكا ...
يَعْنِي فِي سرعَة الاوبة
وَلما قَالَ ... واني شِئْت يَا طرقي فكوني ... اذاة اَوْ نجاة اَوْ هَلَاكًا ...