الباطن كالمحقق الذي لا بدَّ من الوقوف عليه وقتًا ما.
فلما قدّر الله تعالى ما هو شبيهٌ بالفرج بعد الشدة، من مطالعة بعض بحوث إمام الدنيا -رحمه الله- كان ذلك كضالةٍ لا تخفى على مُنشدها إذا وجدها، وعلى الخصوص إذا كانت من أعزّ ما يطلب، فوالله الذي لا إله غيره ساعةَ الوقوف على ذلك كادَ العقلُ أن يدهَش سرورًا وفرحًا.
ومن يطيق أن يُعبِّر عن هذا الحال قلمٌ أو لسان؟! وهذا من الأمور التي لا تُعْرف إلّا بالذوق والوجدان، وإلا فلو قيل في هذا المعنى مهما قيل نُسِبَ قائله إلى التقصير أو التكثير.
ومنشد الضالة التي صاحبها خبير بها لا يحتاج واجدها إلى طول تأمل وكثرة تعب في معرفتها بعد الوجدان، فلا يُلام من أحبّ أهل بلدٍ خرج منه هذا الإمام العظيم، فضلًا عن الخصِيصِين به المُنعَّمين.
ولا ينبغي أن يُتعجَّب من إطالة هذا الكتاب وهذا الإطناب، فوالله إن هذا قليل من كثير!
وقلّ أن وقع ذِكْرُ هذا الإمام إلا والعبرات تتقاطر، والدمعات تتحادر، وهذا صار كالمَلَكة الذي لا يستطيع ردّ ما يَرِدُ منه، ولولا الوثوق بالله العظيم، والتسلِّي بمن فُقِد من الرسل وأتباعهم وأتباع أتباعهم وهلمَّ جرّا، لتقطعت النفسُ على فَقْد مثل هذا في العصر البعيد عن النبوات حسراتٍ، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. والحمد لله رب العالمين.